الجمعة، 30 ديسمبر 2016

القول الفصل في مسألة ست تغييرات: الجزء الثالث:

القول الفصل في مسألة ستّ تغييرات
الجزء الثالث: ملحوظات وتفنيد اعتراضات

     فرغنا في الجزءين السابقين في مسألة ست تغييرات من (التنظير النحوي والصرفي) ثم (الشواهد وأساليب العلماء) من أصول كتبهم المخطوطة، ورأينا أنّ استعمال الأئمة الأعلام جاء موافقًا قاعدةَ العدد من الثلاثة إلى العشرة في (تغييرات) وأخواتها، وأنهم حين يُذكّرون العدد مع المجموع على زنة (تفعيلات) يكون ذلك عن وعيٍ منهم بالمفرد، وبما تقتضيه قاعدة الجمع التي بسطتُ القول فيها، وأنهم لم يتواطؤوا على خطأ، كما يظن من لا يُحسن فهم الدقائق في هذه الصناعة، ويبقى في تتمة المسألة وقفات تتصل ببعض اعتراضاتٍ وأساليبَ، وهي:

    الوقفة الأولى: أن العرب تجمع المصادر جمع تكسير حين إرادة النوع أو الأجناس؛ كالضروب والقتول والأنظار والضّيوم، وإذا أرادوا تعداد المرات جمعوه جمع سلامة بالألف والتاء، فقالوا: ضربات وقتلات ونظرات وضيمات؛ لأنهم يجمعون ضربة وقتلة ونظرة وضيمة، وكذلك يفعلون في مصادر فعّل، كما تقدّم، فمن يقول: ست تغييرات إنما يريد: مرات وقوع التغيير، لا أنواعه، وهذا عين المراد في قول خلف الأحمر والسيرافي والمرادي، وغيرهم، فهم يريدون عدد التغييرات لا أنواعها، ولذا يقول القائل: ست تغييرات إذا أراد المرّات والتعدّد، وستة تغايير إذا أراد أنواع التغيير، وإرادة المرّات قد تكون مع اتفاق النوع أو اختلافه، وهذا ملحظ دقيق في العربية، ولكنّ كثيرا من المولدين يتساهلون فيه، فيخلطون في الجمعين بين المعنيين الأنواع والأعداد، فيخالفون الأصل اتساعًا.

   الوقفة الثانية: أن الاحتجاج بأن المفرد المؤنث (تغييرة) لم يرد في المعاجم مردود بأنّ تغييرة اسم مرة من المصدر (تغيير) واسم المرّة معلوم بالقياس، ولا يلزم في بابه سماع، وهو كغيره من المشتقات القياسية التي تسكت عنها المعاجم اختصارا؛ لأنها في حكم المعلوم، كسائر القياسيات المجمع عليها، و((ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع، فإذا حذا إنسان على مُثُلهم وأمّ مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعًا ولا أنْ يرويه رواية)) كما يقول ابن جني (الخصائص 1/ 362)، ((ألا ترى أنك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول وإنما سمعت البعض فقست عليه غيره؟)) كما يقول أيضا (الخصائص 1/ 369), ولولا هذا ما عرف العلماء مفردات جموع لا واحد لها من أصل الوضع، أو أميت واحدها واندثر، ألم يقولوا إن التَّعاشيب والتباشير والتَّساخين والتَّعاجيب جموع لا واحد لها؟ فأنت تراهم يقدّرون المفرد ويقولون إنه: تعشيب وتبشير وتسخين وتعجيب؟ ويجرون على هذا التقدير قاعدة العدد على وجهها النحوي، ويراعون مفردًا متروكًا لم تنطق به العرب، ويتركون لفظَ الجمع الذي فيه معنى التأنيث والجماعة، فيقولون: ثلاثة تعاشيب ولا يقولون: ثلاث تعاشيب. أليس في ذلك دليلٌ قاطع على أنّ المفرد عندهم حاضر في أذهانهم بالقياس سمع أو لم يسمع؟ وفي هذا يقول محمد الطنطاوي في تصريف الأسماء ص 233 عندما ذكر جموعًا لا واحد لها: ((فتلك الجموع لا خلاف بينهم في أنّ واحدها مقدّر وأنه يكون عند التقدير حسب القياس)). ومن هنا نعلم أنّ مفرد تغييرات تغييرة لا غير، علمناه بالقياس، وشَهِد بذلك ما جرى على ألسنة العرب في هذا الوزن والجمع، كتكبيرات وتسليمات وتفعيلات وتطليقات، ومفردهن تكبيرة وتسليمة وتفعيلة وتطليقة، وكل ما لم يجر على الألسنة من هذا فهو معلوم بالتقدير، وعلى هذا المعيار جرى باب (تفعيلات) كله في العدد، فيما رأينا من أساليب العلماء، كما تقدّم في الأمثلة في الجزء الثاني، من نحو (ثلاث تصحيفات) و(ثلاث تمثيلات) و(ثلاث تقديرات) و(ثلاث تفريعات) و(ثلاث تأكيدات)، و(ثلاث تأويلات) و(ثلاث تبخيرات) و(ثلاث تشبيهات) و(ثلاث توجيهات) وغير هذا، فأين سمعت أنت أو غيرك تصحيفة أو تمثيلة أو تقديرة أو تأكيدة أو تأويلة أو تبخيرة أو تشبيهة أو توجيهة؟ وما الفرق بينهن وبين تغييرة؟

    الوقفة الثالثة: أن الوهم في مفرد تغييرات قد يقع فيقود إلى وهم آخر، إذ يرد في أساليبهم نحو قولهم: (أحد التغييرات) وقولهم: (فيه تصحيفات: الأول) فربما ظُنَّ أن في هذا دليلاً على المفرد، وأنه تغيير لا تغييرة، وهذا مردود أيضا، وهو محمول على الوهم أو التوهم أو التوسّع غير المنضبط، فالقائل هنا يرجع بالمصدر إلى أصله، فيساوي بين تغايير وتغييرات وتصاحيف وتصحيفات، فكما يقول: (فيه تغايير: الأول) يقول: (فيه تغييرات: الأول) وهذا يخالف الأصل الذي وضعت عليه اللغة، في المخالفة بين مفردي الجمعين، فلا يصلح أن يكون مفرد تغايير وتغييرات شيئًا واحدًا، والقياس يأباه؛ لأنّ الوجه التفريق كما تقدم، فينبغي أن يقول: (الأُولى) مع تغييرات، و(الأوّل) مع تغايير، ولو جعلت باب تفعيلات تحت النظر والفحص الدقيق لوجدته يجري على أصله، فهم يقولون: إحدى التكبيرات وإحدى التسليمات وإحدى التطليقات وإحدى التسبيحات، ويقولون: (فيه تكبيرات: الأولى) وكذا مع تسليمات وتطليقات وتسبيحات وتحميدات، فكان القياس على هذا الباب أن يقولوا: (فيه تغييرات: الأولى) أي التغييرة الأولى كالتكبيرة الأولى، ولا عبرة بقول القائل: أحد التغييرات وأحد التنبيهات؛ لأنه يخالف الأصل، ولا يجعل الوهم طريقًا لمخالفة الأصول والأقيسة. ولهذا قال أبو جعفر النحاس (ت 338هـ) في معاني القرآن 4/ 464: ((ثلاث تقديرات: إحداهن))، ولم يقل: أحدهن، ولو قاله لحمل على ما ذكرتُ من التوهم أو الرجوع إلى أصل المصدر (تقدير) تجوّزا واتساعًا لا قياسًا.

الوقفة الرابعة: أن في مطلق الجمع معنى التأنيث كما يقولون، والمجموع بالألف والتاء أكثر دلالة على التأنيث وأشدّ التصاقًا به من جمع التكسير، فهو بابه، ولذا قال ابن يعيش عن تلك الجموع: إن العرب ((تَخيّلوا فيها التأنيثَ، فجمعوها بالألف والتاء على حدِّ ما فيه تاء التأنيث)) (شرح المفصل 3/ 346) أو ((هو مشبّه بما في واحده هاءُ التأنيث)) (النُّكت للأعلم الشّنتمري 2/ 1019) ولهذه العِلّة نلمح في مذهب الكسائي والبغداديين ما يُقرّبه من روح اللغة وبنائها الفلسفي؛ لأنهم حملوا سجلّات وحمّامات على التأنيث مع أنّ مفردهما مذكر؛ فراعوا أصل الباب، وهو التأنيث، وجعلوا المجموع بالألف والتاء دليلا عليه، ليدخل في الباب ما شذ من المذكّرات المجموعة بالألف والتاء، فحملوا القليل على الكثير؛ لأنّ قياس مفرده في الباب أن يكون مؤنثًا، وبمثل هذا علل الحريري (درة الغواص 234) مذهبهم؛ فقال: ((لما كان الغالب على المجموع بالألف والتاء أن يكون مؤنثَ الذي تجرد عدده من الهاء لحق به ما جمع عليهما من جنس المذكر، ليطرد الحكم فيه، ويسلم أصله المنعقد من نقض يعتريه)). فكأنهم انتقلوا من النظر إلى المفرد إلى الاكتفاء بلفظ المؤنث بالألف والتاء، وجمهرة العلماء الذين استعملوا (ثلاث تغييرات) يردّون هذا المذهب البغدادي؛ فلا يُحمل كلامهم عليه بل على أصل القاعدة في جمع المصدر ومغايرة العدد، وإنما ذكرته هنا ليُعلَم أنَّ هذا الجمع بابه التأنيث؛ فإذا وقع منه ما يحتمل مفرده التذكير والتأنيث حُمِلَ على المؤنث الجاري على القياس.
الوقفة الخامسة: أن القول بـ ((انعدام استعمال الجمع (تغايير) في المعجمات اللغوية وفي استعمالات اللغويين والنحويين والمفسرين دلالةٌ على عدم تسويغ استعماله، وانعدام استعماله مماثلٌ لانعدام جمع تنبيهٍ على تنابيهَ، وتوجيهٍ على تواجيهَ، والمستعمل في الجمع تنبيهاتٌ وتوجيهاتٌ)) منقوض بأمرين: أولهما القياس على ما سبق ذكره في تكسير تفعيل على تفاعيل وثانيهما استعمال العلماء الأثبات من اللغويين والمفسرين والمحدثين والأصوليين والأطباء والأدباء، فقد جاء هذا الجمع – أعني تغايير - في كلام كثير منهم، ونراه في أساليب الرازي ت 313هـ  في (الحاوي في الطب 4/ 571، 5/ 118، 7/ 428) وابن جني ت 392هـ  في (سر الصناعة2/ 137) والخطيب الإسكافي 420هـ  في (درة التنزيل 1/ 67 ) وابن سينا ت : 428هـ في (القانون في الطب 3/ 138 ) وأبي الريحان البيروني ت 440هـ  في (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة 41) وأبي الحسن الماوردي ت 450هـ في (أعلام النبوة 58) وابن سيده ت 458هـ في (المخصص 4/ 210 تحقيق جفّال)، وأبي المعالي  الجويني، الملقب بإمام الحرمين ت 478هـ في (نهاية المطلب في دراية المذهب 1/ 355،  2/ 130،  426، 573، 575، 587، 590، 4/ 339، 5/ 149)، والراغب الأصفهاني ت 502هـ في (الذريعة إلى مكارم الشريعة 294 )، وأبي حامد الغزالي ت 505هـ في (الوسيط في المذهب 2/ 637) وابن عطية 542هـ في (المحرر الوجيز 4/ 213)، وأبي القاسم الرافعي القزويني ت 623هـ في (العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير 3/ 391) وابن الصلاح ت 643هـ في (صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط 164) وحازم القرطاجَنّي ت 684هـ في (منهاج البلغاء 244) وابن الرّفعة ت 710 هـ في (كفاية النبيه في شرح التنبيه 4/ 224 ) وابن الفُوَطي الشيباني ت 723 هـ في (مجمع الآداب في معجم الألقاب 3/ 194)، والشاطبي 790هـ في (المقاصد 7/ 432)، واليونيني ت 726 هـ  في (ذيل مرآة الزمان 1/ 128) والمقريزي ت 845هـ في (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 2/ 370) والنيسابوري ت 850هـ في (غرائب القرآن 6/ 471) فهل لهذا الجمع - تغايير - أن يجري على ألسنتهم ويقع في كتاباتهم لو كان مخالفًا للقياس المعلوم في تكسير تفعيل؟!

     الوقفة السادسة: أنه يلزم مَن أنكر ستَّ تغييرات تلحينُ الأئمة الأعلام من علماء الأمة، لقولهم: ثلاث تغييرات، وقولهم مثلها فيما جاء في بابها، فيكون خالف القاعدة ولحّنَ العلماء، فارتكب بذلك خطأين وجمع بين قُبحين.

عبدالرزاق الصاعدي
المدينة المنورة
الجمعة 1/ 4/ 1438هـ الموافق 30/ 12/ 2016م


تنبيه الذكي إلى ما ندّ وخفي:

تنبيه الذكي إلى ما ندّ وخفي
سعيد بن عبدالخالق
    قرأتُ ما كتبه أخونا الفاضل الدكتور أحمد البحبح - وفقه الله وبارك فيه - في مقاله (التقرير في جمع تغيير ) ، وقد ظهر لي فيه بعض الملحوظات التي أودّ أن أنبّهه عليها بدافع المحبة الإيمانيّة والأخوّة العلميّة ، وأسأل الله أن يوفقني وإياه للسداد قولًا وعملًا.
     ١- القياس أن يُجمع تفعيــلٌ على تفاعيل ، وله شواهد في كلام العرب كـ( تصاوير) و (تباشير) و(تباريح) ، وليس من شرط المقيس عليه الكثرة ، فقد يُقاس على القليل لموافقته للقياس ، كقولهم : رَكَبِيّ و حَلَبِيّ في النسب إلى رَكُوبَة و حَلُوبَة ، قياسًا على شَنَئِيّ في النسب إلى شَنوءة ولم يأت منه إلا هذه الكلمة ، و ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب. وجمعُه على تفعيلاتٍ خلافُ السماع و القياس ، وما ذكره الدكتور في قوله : ((وذهب بعضُهم إلى أن المصدر المزيد على ثلاثة أحرف غير المؤكد لفعله يطَّرد جمعُه بالألف والتاء الزائدتينِ (جمع المؤنث السالم) )) قولٌ مُحدث لا دليل عليه ، فلم يقل نحويٌّ - فيما أعلم - متقدّمٌ أو متأخّرٌ بجواز جمع المصادر المجرّدة بالألف والتاء ، وإنّما هو قولٌ لبعض المعاصرين تأثّرًا بظاهر الاستعمال .
      ٢- التفريق بين جمع المصدر النوعيّ وجمع المصدر العددي مترتّب على كلام العرب والقياس الصحيح ، لا على قول الرضي كما يقول الدكتور ، وإنما كلام الرضي يُستشهد به اعتضادًا.
      ٣- قال الدكتور : ((التباسُ الجمع (تخاريج) الذي مفردُه (استخراج) في مذهب النحويين، بالجمع (تخاريج) الذي مفردُه (تخريج) في مذهب الرضي)) وهذا الإيراد غير متّجه، وهو فهم غريب من الدكتور الفاضل؛ لأن الجمعَ (تخريجاتٍ) يمنعه، فالرضي يوازن بين جمعين لمفرد واحد، فيقول إن تكسيرإكرامٍ وتخريجٍ : أكاريمُ وتخاريجُ ، وجمعهما بالألف والتاء: إكراماتٌ وتخريجاتٌ، فأين اللبس؟ و لو أراد الرضي أن تخاريجَ جمعٌ لـ(استخراج) لقال: تخاريج واستخراجات ؛ لأن الحذف يقع في التكسير دون جمع السلامة، فقوله: تخريجات يزيل أيَّ لبس قد يرد، وهذا نصُّ الرضي لمن يريد تأمّلَه : (( ومنه قولك الإكرامات والتخريجات والانطلاقات ونحوها؛ لأن الواحد: إكرامة وتخريجة بتاء الوحدة، لا إكرام وتخريج. وجمع المجرد: أكاريم وتخاريج عند اختلاف الأنواع ، فالإكرامات كالضربات والقتلات، والأكاريم كالضروب والقتول. فلذا يقال ثلاث إكرامات وتخريجات بتجريد العدد من التاء، وثلاثة أكاريم وتخاريج إذا قصدت ثلاثة أنواع من الإكرام ))
       ٤- ينفي الدكتور أحمد ورود ( تغايير ) و( تخاريج ) في المعاجم، وهذا القولُ لا وجهَ له ؛ لأن كلامنا في مسألة نحوية - بالمعنى العام - لا في مسألة لغوية يُتوقف فيها على النقل، والنحو: علمٌ بمقاييسَ مستنبطة من استقراء كلام العرب، يقول ابن الأنباري في لمع الأدلة ( ٩٥): (( فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو ، ولا نعلم أحدًا من العلماء أنكره لثبوته بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة... وإذا بطل أن يكون النحو روايةً ونقلًا وجب أن يكون قياسا وعقلا ، والسرّ في ذلك هو أن عوامل الألفاظ يسيرة محصورة ، والألفاظ كثيرة غير محصورة ، فلو لم يجز القياس واقتُصر على ماورد في النقل من الاستعمال لأدّى ذلك إلى ألّا يفي ما يُحصر بما لا يُحصر، ويبقى كثيرٌ من المعاني لا يمكن التعبير عنها لعدم النقل))
     ٥- حكم الدكتور على ( تغايير ) و ( تخاريج ) بأنهما معدومان في استعمال اللغويين، فقال: ((انعدام استعمال الجمع (تغايير) في المعجمات اللغوية وفي استعمالات اللغويين والنحويين والمفسرين دلالةٌ على عدم تسويغ استعماله)) ثم نقض كلامه بعد سطرين وحكم بندور ( تغايير) فقال: ((وقد ندر استعمال الجمع المكسر (تغايير) عند بعضهم؛ نحو ابن جني (سر صناعة الإعراب 2/472)، وابن سيده (المخصص4/210)، وابن عطية (المحرر الوجيز 4/213)، والشاطبي (المقاصد الشافية7/432) )) وقال في ( تخاريج ): ((حمْلُ (تغايير) على (تخاريج) قياس نظري لا يستقيم سماعًا البتَّةَ ؛ لأن فيه حمْل جمع مهجور الاستعمال (تغايير) على جمع آخر معدوم الاستعمال(تخاريج) ، فهو قياس مجهول على مجهول )) وليس الأمر كما يقول الدكتور الفاضل ، فقد ثبت استعمال تخاريج في كلام النحويين واللغويين ، ومهما يكن من أمرٍ فإن إثبات ( تغايير ) ليس حملًا على ( تخاريج ) كما يقول ، وإنما تُحمل تغاييرُ وتخاريجُ على ما سُمع من كلام العرب كتصاوير وتباريح وتباشير ، وتُقاس على ما ثبت عندهم في جمع الاسم الخماسي المزيدِ قبلَ آخره حرفُ مدّ ، كتماثيل وقناديل وعصافير ونحوها.
        6- قال الدكتور : (( ولا يُعترَض بأنه قد سُمِع في جمع تفعيل تفاعيل فيُحمَل على المسموع ؛ لأن المعترِض سيُعترَض عليه كذلك بأنه قد سُمِع في جمع تفعيل تفعيلات)) جمعُ تفعيلٍ على تفاعيلَ مسموعٌ عن العرب ومحمول على القياس المطّرد ، وأما جمعه على تفعيلات فلم يثبت له سماعٌ أو قياسٌ معتبر .
        ٧- قال الدكتور أحمد : " من ذلك جمْعُ ابنِ الوراق تغييرًا على تغييرات مما يفهم من سياق قوله: ((فإن قال قائل فلم صار التغيير بالاسم أولى من الفعل قيل له إن الاسم يلحقه في آخره علامة الإضافة والنسبة ويدخله التصغير والجمع المكسر والترخيم مع الإعراب فصارت تغييرات تلحق الاسم دون الفعل فلما احتاجوا إلى تغييرأحدهما كان التغيير لما يلزمه التغيير في كثير من أحواله ألزم وأولى مما لا يلزمه التغيير )). [علل النحو177]، وكذا فعل السيرافي؛ إذ قال: ((تحركت السين وسقطت ألف الوصل فهذا تغيير ، وانقلبت الواو ألفا ، فهذا تغيير ثانٍ ، وسكنت الدال الأولى وكانت متحركة، فأدغمت في الدال الثانية ؛ فهذه تغييرات كثيرة مجحفة)).[شرح السيرافي5/247،دار الكتب العلمية] " أقول : ليس في كلام ابن الوراق وكلام السيرافي ما يدل على أنّ مفرد تغييرات هو تغييرٌ؛ إذ لفظة التغيير الواردة في كلام ابن الوراق يُراد بها الحدثُ (الفعل) ،والمقرّر أن المصدر لا يُجمع إلا إذا صار اسمًا وتجرّد من الحدثية ، ولو قُدّر الفعلُ في كلام ابن الورّاق لاستقام الكلام، فيكون : (( فإن قال قائل فلم صار [أن يُغيّر] الاسمُ أولى من الفعل قيل له إن الاسم يلحقه في آخره علامة الإضافة والنسبة ويدخله التصغير والجمع المكسر والترخيم مع الإعراب ، فصارتتغييرات تلحق الاسم دون الفعل، فلما احتاجوا إلى [أن يُغيّر] أحدُهما كان [ أن يُغيّر] ما يلزمه [ أن يُغيّر] في كثير من أحواله ألزمَ وأولى مما لا يلزمه [أن يُغيّر])).[علل النحو177]، وأمّا السيرافي فكلامه ظاهرٌ في أن المراد بالجمع بيانُ عدد التغييرات ، فهو جمع للمصدر العددي، بدليل وصفه المصدرَ بالعدد تقديرًا في الأولّ وتصريحًا في الثاني و وصفِه للتغييرات بالكثرة ، ولو أردنا ذكرَ المحذوفِ المقدّرِ لكان الكلام: ((تحركت السين وسقطت ألف الوصل فهذاتغيير [أولّ]، وانقلبت الواو ألفا ، فهذا تغيير ثانٍ ، وسكنت الدال الأولى وكانت متحركة، فأدغمت في الدال الثانية [فهذا تغيير ثالث]؛ فهذه تغييرات كثيرة مجحفة)) فالمصدرُ العدديُّ إما أن يُعرف بالبنية التي وُضعت له ، وإما أن يُعرف بالوصف للمصدر المجرّد ، وفي هذا يقول الرضي رحمه الله: (( ويَعني بالعدد ما يدل على عدد المرات - معيّنا كان أو لا- وهو إما مصدرٌ موضوعٌ له نحو: ضربت ضربةً وضربتين وضرباتٍ ، أو مصدرٌ موصوفٌ بما يدلّ عليه ، نحو: ضربته ضربًا كثيرًا)).
       ٨- ما ذكره الدكتور من تأنيث العدد في بعض كتب أهل العلم قد أجيب عنه في مقالات سابقة ، وهو قليلٌ يمكن أن يُخرّج بلا تكلّف وبُعدٍ إن ثبَت .
       ٩- قال الدكتور:  ((وجمع الفيومي في المصباح المنير في سياق حديثه في الجذر اللغوي (رهب) إفسادًا على إفسادات في سياق واحد)) وأقول : إن المصدر المذكور في كلام الفيومي يُراد به الحدث ، بدليل إعماله ، وهذا نصّه : ((والجواب عنه أنّ التعرّض بالذّم لم يكن لإفسادهم العبادةَ بنوعٍ من الإفسادات المنهية عند الفاعل ، وهم لم يفسدوها على اعتقادهم...)) فحاله كحال كلام ابن الورّاق .
     ١٠- ردَّ جمهورُ النحاة قولَ بعضِ النحويين الذين قالوا بمراعاة الجمع بالألف والتاء في قاعدة العدد ، مع أنّهم ذكّروا العددَ في الاستعمال، فلم يبق إلا أنهم راعوا المفرد المقيس (اسم المرّة) . هذا ما أردت التنبيه عليه، ومَن طلب ما يروي الغُلّة فلْيقصِد - غيرَ مأمور - ما كتبه أستاذنا الدكتور عبدالرزاق الصاعدي في هذه المسألة تأصيلًا وتطبيقًا، ومَن قصَد البحرَ استقلّ السواقيا.

سعيد بن عبدالخالق

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

التقرير في جمع تغيير:

التقرير في جمع (تغيير)
 د.أحمد البحبح/ جامعة عدن

    المصدر اسم دالٌّ على مطلق الحدث مجرَّدًا من الزمنية ومتجرِّدًا عن الذاتية ، غيرَ مقيَّدٍ بمكانٍ ، واقعًا على القليل والكثير ، لازمًا الإفرادَ ما لم يُحدَّد أو يُقيَّد ؛ فإذا حُدِّدَ وقُيِّدَ وجُرِّدَ من الحدثية المطلقة وخرج في دلالته عن العموم والإبهام لِمَقْصَدِ اختلاف الأنواع والأَضْرُب جاز تنثيتُه وجمعُه انجذابًا من المصدرية إلى الاسمية ، و((يتبين بالاستقراء أن كثرة الأئمة قد جروا على جمع مصادر ما فوق الثلاثي فأكثروا منه، وتردَّدوا في جمع مصادر الثلاثي فأقلُّوا منه. فهم جمعوا استعمالًا على استعمالات ، واختراعًا على اختراعات ، واحتمالًا على احتمالات ، واعتقادًا على اعتقادات ، واحتجاجًا على احتجاجات . كما جمعوا تقريرًا على تقريرات ، وتحديدًا على تحديدات ، وإلزامًا على إلزامات ، والتزامًا على التزامات ، وتدقيقًا على تدقيقات ، وإلحاقًا على إلحاقات ، واعتمادًا على اعتمادات ، وانتقالًا على انتقالات ، وتصحيفًا على تصحيفات ، وتنبيهًا على تنبيهات ، وتنزيلًا على تنزيلات ، وتأويلًا على تأويلات ، وتفريعًا على تفريعات ، وتصرُّفًا على تصرفات ، وترخيصًا على ترخيصات ، واختيارًا على اختيارات ، وابتداءً على ابتداءات ، وإشكالًا على إشكالات ، وإعرابًا على إعرابات وغير ذلك . كما جمعوا تركيبًا على تراكيب ، وتقليبًا على تقاليب ، وتعليلًا على تعاليل ، وتكبيرًا على تكابير ، وتصغيرًا على تصاغير ، وتصنيفًا على تصانيف ، وتأليفًا على تآليف ، وتفعيلًا على تفاعيل ، وتقسيمًا على تقاسيم ، وتعبيرًا على تعابير ، وتصريفًا على تصاريف ، وتفسيرًا على تفاسير . شاع ذلك في مؤلفات الأئمة شيوعًا متعالمًا، كما هو الحال في كلام ابن جني في خصائصه ، والقاضي الجرجاني في وساطته ، والخفاجي في سر الفصاحة ، والزمخشري في أساسه))[دراسات في النحو للزعبلاوي:141-142].
   ويبدو أن السماع هو المعتمد في جمع المصادر ما عدا المختوم بالتاء ، فيطَّرد جمعُه جمعَ مؤنثٍ سالمًا نحو جمع استدارةٍ وتحيَّةٍ وتسبيحةٍ على استداراتٍ وتحيَّاتٍ وتسبيحاتٍ ، وذهب بعضُهم(1) إلى أن المصدر المزيد على ثلاثة أحرف غير المؤكد لفعله يطَّرد جمعُه بالألف والتاء الزائدتينِ(جمع المؤنث السالم)؛مثل جمع إنعامٍ وتنبيهٍ وانتصارٍ واستنتاجٍ على إنعامات وتنبيهات وانتصارات واستنتاجات ، وما جُمِع من المصادرِ المجاوزِ فعلُها ثلاثةَ أحرفٍ جمعًا مُكسَّرًا فمحمولٌ على السماع في غالب أمره ، ولعلَّ اطِّرادَهم في جمعه بالألف والتاء إبقاءٌ لأصل مفرده في هيئته الأصلية من غير تغيير ،فلم يَنزح المصدر عن بابه انزياحًا تامًّا.
   وأما ما أشار إليه الرضي[شرح الكافية2/187]في جمع المصدر المجرد من التاء (إكرامٍ وتخريجٍ) على (أكاريمَ وتخاريجَ) ، وجمع المختوم بالتاء (إكرامةٍ وتخريجةٍ) على (إكرامات وتخريجات) ، وما قد يترتَّب على قول الرضي من جواز حمل (تغايير) على (تخاريج) ؛ ففيه نظرٌ بيانُه في الآتي:
1- التباسُ الجمع (تخاريج) الذي مفردُه (استخراج) في مذهب النحويين(2)، بالجمع (تخاريج) الذي مفردُه (تخريج) في مذهب الرضي ؛ يزاد على ذلك أنه لم يرد في المعجمات (تخاريج) جمعًا للمصدر تخريج .
2- انعدام استعمال الجمع (تغايير) في المعجمات اللغوية وفي استعمالات اللغويين والنحويين والمفسرين دلالةٌ على عدم تسويغ استعماله،وانعدام استعماله مماثلٌ لانعدام جمع تنبيهٍ على تنابيهَ ، وتوجيهٍ على تواجيهَ ، والمستعمل في الجمع تنبيهاتٌ وتوجيهاتٌ ؛ وعلى وفق ذلك يُحمَل (تغييرات) جمعًا لـ(تغيير) ، وقد ندر استعمال الجمع المكسر (تغايير) عند بعضهم؛ نحو ابن جني(سر صناعة الإعراب2/472)، وابن سيده(المخصص4/210)، وابن عطية(المحرر الوجيز4/213)، والشاطبي(المقاصد الشافية7/432).
3- حمْلُ (تغايير) على (تخاريج) قياس نظري لا يستقيم سماعًا البتَّةَ ؛ لأن فيه حمْل جمع مهجور الاستعمال(تغايير) على جمع آخر معدوم الاستعمال(تخاريج) ، فهو قياس مجهول على مجهول ، ولا يُعترَض بأنه قد سُمِع في جمع تفعيل تفاعيل فيُحمَل على المسموع ؛ لأن المعترِض سيُعترَض عليه كذلك بأنه قد سُمِع في جمع تفعيل تفعيلات ، وتكون الحجة الداحضة للمعترِض الأخير هي أن المسموع في الجمع تغييرات لا تغايير ، فيُحمَل هذا المسموع جمعًا إما للمصدر الصريح المزيد(تغيير)عند إرادة اختلاف الأنواع والأضرُب ، وإما لمصدر المرة (تغييرة) جمعًا قياسيًّا .
    وقد جمع اللغويون المصادر المزيدة عند اختلاف الأنواع جمعًا سالمًا على ما اطَّرد في هذا الباب سواءً أَلِلمرَّةِ  كان المصدرُ أم لِغيرِه ، ويجمعون المجرد من التاء جمعًا مكسَّرًا حملًا على المسموعِ منه المشيعِ استعمالُه مُكسَّرًا ، وعلى وفق ذلك درجوا في استعمالاتهم ؛ من ذلك جمْعُ ابنِ الوراق تغييرًا على تغييرات مما يفهم من سياق قوله : (( فإن قال قائل فلم صار التغيير بالاسم أولى من الفعل قيل له إن الاسم يلحقه في آخره علامة الإضافة والنسبة ويدخله التصغير والجمع المكسر والترخيم مع الإعراب فصارت تغييرات تلحق الاسم دون الفعل فلما احتاجوا إلى تغيير أحدهما كان التغيير لما يلزمه التغيير في كثير من أحواله ألزم وأولى مما لا يلزمه التغيير )).[علل النحو177]، وكذا فعل السيرافي ؛ إذ قال : ((تحركت السين وسقطت ألف الوصل فهذا تغيير ، وانقلبت الواو ألفا ، فهذا تغيير ثانٍ ، وسكنت الدال الأولى وكانت متحركة، فأدغمت في الدال الثانية ؛ فهذه تغييرات كثيرة مجحفة)).[شرح السيرافي5/247،دار الكتب العلمية]، وقد أنَّثَ العدد تأكيدًا على جمعه تغييرًا على تغييرات ، فقال : ((يجتمع في سادَّ وباضَّ ثلاثة تغييرات)).[شرح السيرافي5/237،دار الكتب العلمية]، وجمع ابنُ جني تنزيلًا على تنزيلاتٍ فيما استُنبِطَ من كلامه . جاء في معجم المحكم والمحيط الأعظم[9/45(نزل)]: (( وقولُ ابنِ جِنِّي:"المُضافُ والمُضافُ إليه عِندَهم ، وفي كَثيرٍ من تَنْزِيلاتِهم، كالاسم الواحِدِ" ؛ إنَّمَا جَمَعَ تَنْزِيلاً هُنا لأَنّه أرادَ أن المُضافَ وما أُضِيفَ إليه يُنَزَّلانِ في وُجوهٍ كَثيرةٍ مَنْزِلَةَ الاسِم الواحِدِ ، فَكَنَّى بالتَّنْزِيلاَتِ عن الوجوهِ المُختَلِفَةِ ، ألا تَرى أَنَّ المَصْدَرَ لا وَجْهَ لجَمْعِه إلَّا تَشَعُّبُ الأَنواعِ وكَثرتُها )) . وقال الزمخشري : ((وقع فيها تغيير من تغييرات النسب )).[الفائق في غريب الحديث:1/55] ولم يقل : تغيير من التغايير! . وسار على ذلك الشاطبي فأنَّث العدد مع المعدود(تغييرات) وجمع التغيير على التغييرات في سياقٍ واحدٍ ، فقال : ((في سادَّ ثلاثة تغييرات بخلاف رادَّ، لأن أصله الأول: اِسْوَدَدَ، فألقينا حركة الواو على السين، فسقطت همزة الوصل، فهذا تغير. وانقلبت أيضا الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها في اللفظ، فهذا تغيير ثان. وسكنت الدال فأدغمت فهذه تغييرات كثيرة مجحفة بالكلمة))[المقاصد الشافية9/293]، ونحوه ما جاء في (عون المعبود2/131): (( غُيِّرت الصلاةُ ثلاثةَ تغييراتٍ))،وكذا في تفسير العز بن عبد السلام[1/411، 414](ثلاثة تأويلات/أربعة تأويلات)، ومثله(ثلاثة تقديرات)[أحكام القرآن لابن العربي1/245]، وجمع الفيومي في المصباح المنير في سياق حديثه في الجذر اللغوي (رهب) إفسادًا على إفسادات في سياق واحد، وقال الشيخ مصطفى الغلاييني: ((ويحدث بالنسب ثلاثة تغييرات))[جامع الدروس العربية214] . وممن أنَّث العدد مع المعدود(تغييرات)حملًا على مصدره المزيد المجرد من التاء(تغيير) ، السمينُ الحلبيُّ(الدر المصون1/377)وابنُ عادلٍ الحنبلي(اللباب في علوم الكتاب1/463)، فجاء في تفسيرهما : ((فيها خمسةُ تغييراتٍ)) . وذهب غيرُهم في سياقات أخرى إلى تذكير العدد مع المعدود(تغييرات)حملًا على واحده مصدرِ المرَّة(تغييرة) ؛ من هؤلاء أبو بكر بن الأنباري ، إذ قال : (( وفي بيت ذي الرمة ثلاثُ تأويلاتٍ)) .[الزاهر في معاني كلمات الناس2/376] على أن تأويلاتٍ جمعُ تأويلةٍ . ومما يدلُّ على اختلاف نظرتهم في حمل المجموع الذي وزنه(تفعيلات)على تفعيلٍ تارةً وعلى تفعيلةٍ تارةً أخرى ، وينتج من ذلك اختلافهم في تذكير العدد وتأنيثه بحسب نظرتهم إلى المفرد ، أقول: مما يدل على ذلك هو أن البغدادي أنّث العدد مع المعدود تأويلات حملًا على (تأويلٍ) لا على (تأويلةٍ) خلافًا للمحمول عند ابن الأنباري ، فقال : ((وقد أُوِّل بثلاثة تأويلاتٍ))[خزانة الأدب11/215].
   وممن ذكَّر العدد مع المعدود(تغييرات) حملًا على مفرده المختوم بالتاء(تغييرة)، أبو حيان الأندلسي قائلًا في باب النسب : (( يحدث بيائه ثلاث تغييرات )).[الارتشاف2/599،وينظر الهمع3/393]، وابنُ الجزري(النهاية في غريب الحديث1/463) وابنُ منظور(لسان العرب"نزل")؛ إذ قالا : (( وفي حديث ابن أبي ليلى: أُحيلت الصلاة ثلاثةَ أحوالٍ؛ أي غُيِّرت ثلاثَ تغييراتٍ أو حُوِّلت ثلاثَ تحويلاتٍ )). وكذا قال العكبري في سياق تصريف خطايا : (( خَطَايَا فَعَالَى ، فَفِيهَا عَلَى هَذَا خَمْسُ تَغْيِيرَاتٍ )).[التبيان1/66،وينطر:حاشية الشهاب2/164].
   فالأمر سيَّانِ في الجمع السالم لمصدر المرة والمصدر الصريح مع اختلاف مفردهما، ولا لَبْسَ في ذلك ؛ لأن السياقَ ومقصودَ المتكلمِ هو الفيصلُ في مدلول المفرد ، وفي العربية من أمثلة ذلك نماذجُ متعددةٌ في توجيه البنية بما يتناسب مع مقام الكلام ؛ من ذلك مجيءُ اللفظِ ( مختار) على صيغٍ مختلفةٍ باختلاف سياق ورودها في الكلام .



(1) ينظر : جامع الدروس العربية:178، والصرف الوافي:148، والمعجم المفصل في الجموع:15،والصرف وعلم الأصوات:76 .
(2) ينظر:شرح ابن الناظم558،وارتشاف الضرب (تح رجب عثمان)1/459،وتمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد لناظر الجيش9/4821،وحاشية الصبان4/209 .

الأحد، 25 ديسمبر 2016

قراءة في الرسم: أتُكتب: بإحداهما أم بإحديهما أم يإحدىهما؟!:

قراءة في الرسم: أتُكتب: بإحداهما أم بإحديهما أم يإحدىهما؟!

    كلمة (إحدى) مفرد مؤنث أحد، وهي مقصورة كذِكْرَى وشِعْرَى وسِيمَى ومَلْهَى، وعند اتّصالها بالضمير تُكتب ألفها المقصورة ألفا واقفة: (إحداهما وذِكراهما وملهاهما وشِعراهما وسِيماهما) في كل الأحوال رفعًا ونصبًا وجرًّا، والإعراب مُقدّر على الألف؛ كما تقول: بذِكراهما وبصُغْراهما وكُبْراهما، هذا هو مقتضى القاعدة العامة في الإملاء.

    وكان بعض القدماء يكتبها بالمقصورة عند اتصالها بالمضمر، هكذا: (إحدىهما) بصورة الياء دون نقط، مراعاة لمكان إمالة الفتحة قبل الألف إلى الكسرة، وهو الرسم العثماني للمصحف، في قوله عز وجل: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَىهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَىهُمَا الْأُخْرَى) ]البقرة 282 [ وأخذ به بعض العلماء، قال ابن ولّاد في (المقصور والممدود 164): ((فإن أضفتَ شيئاً من هذا إلى مضمر كتبته كله بالألف، كقولك: مغزاك ومدعاك ومغزاه ومدعاه ومرماه ورحاه ورحاهما ورحانا. وقد كتبوا حرفا منه بالياء في الإضافة، وهو إحديهما والوجه ما ذكرنا))، هكذا في المطبوع (إحديهما) ولعل الصواب: إحدىهما، وهم يُعبّرون بالياء عن الألف المقصورة كما يُعبّرون بالهاء عن تاء التأنيث المربوطة، إذ ينظرون إلى صورة الحرف.

     والعلة في كتابتها بصورة الياء مع المضمر مراعاة وجه الإمالة، وأشار إلى ذلك ابن جني في سر الصناعة (1/ 50) قال: ((وأما ألف التفخيم فهي التي تجدها بين الألف وبين الواو نحو قولهم سلام عليك وقام زيد وعلى هذا كتبوا الصلوة والزكوة والحيوة بالواو؛ لأن الألف مالت نحو الواو كما كتبوا إحديهما وسَوّيهنّ بالياء لمكان إمالة الفتحة قبل الألف إلى الكسرة))، وأشار إليه ابن سيده في المحكم 5/ 137 مادة فخم. وقال السيوطي في الهمع 3/ 525: ((فإِن اتَّصل بالكلمة ضمير مُتَّصِل فخلاف؛ منهم من يكتُبهُ بالياءِ ومنهم من يكتبه بالألف نحو ملهاك ومستدعاه، كذا حكى الخلاف في التسهيل ولم يرجح شيئا. قال أبو حيَّان: واختيار أصحابنا كَتْبُهُ بالألف إِذا اتَّصل به ضمير نصب أَو خفض، سواء كان ثلاثيًّا أَو زِيد، إلّا (إحدَى) خاصَّة، فتكتب بالياء حال اتصالها بضمير الخفض نحو (إحديهما) ]هكذا؛ ولعل الصواب: إحدىهما[ كحالها دون الاتّصال)).
ولم يكن ذلك محلّ اتفاق، قال أبو جعفر النحّاس في عمدة الكتّاب 198: ((اصطلحوا على أن كتبوا (إحديهما) بالياء، ]هكذا، والوجه: إحدىهما[وهذا خطأٌ فاحشٌ، لأنه مثل قولك: حبلاه وحبلاك))، وجعلها ابن الأثير في البديع من علم العربية 2/ 377: فى النوادر من الكتابة، وقال: ((كتبوا إحديهما بالياء وحقها أن تكتب بالألف)). ولعل الصواب في النص: إحدىهما، ويقصد بالياء الألف المقصورة.

      وثمّة غموض في هذه المسألة من وجهين، الأول: أتكتب (إحدىهما) عندهم بالألف المقصورة على صورة الياء دون نقط وهو وجهها المراد على هذا المذهب، كما في رسم المصحف أم بالياء المنقوطة كما جاء في الكتب المنشورة؟ والثاني: أهي عامّة في أوجه الإعراب كما هو الوجه في رسمها أم خاصة بحالتي النصب والجر كما يُتوهّم؟ وهذا الأخير كأنه المفهوم عند بعض ناشري كتب التراث، فيجعلونها خاصة بالنصب والجر، فيقول قائلهم: هذه إحداهما ورأيت إحديهما ومررت بإحديهما، وهذا من وهم الإعراب(1)، فيكتبونها بالياء الخالصة في النصب والجر اغترارا بصورتها المقصورة لأنها كالياء، فنقطها بعض النسّاح وبعض ناشري كتب التراث، ورأيت منه مواضع في كتب محققة، منها: المقابسات 350 للتوحيدي، والإبانة 1/ 394 للعوتبي الصحاري، وأساس البلاغة (لقط) 413 للزمخشري، والمقاصد 1/ 293 للشاطبي.

    والصحيح الذي يوافق قواعد الرسم الإملائي للعربية رسمُ هذه الكلمة بالألف في جميع الأحوال، فتكتب: جاءت إحداهما ورأيت إحداهما ومررت بإحداهما، وما يخالف ذلك فهو خطأ في الإملاء لا يسوّغه الرسم العثماني ولا أخذ بعض العلماء به، لأنه يوقع في أمرين: رسمها بالياء ثم جعلها خاصة بحالتي النصب والجر ظنا أنها مثنى وأن ألفها ألف تثنية.
_______________
(1)  من هذا الوهم ما جاء في كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذّب لابن بطّال 1/ 110 ما نصه: ((واقترابُ [إحدَيْهِما] من الأُخرى)) فوضعها المحقق د. مصطفى عبد الحفيظ سالم بين معقوفين بعد أن غيّرها، وقال في الهامش: ((ع، خ: إحداهما: خطأ)) قلت: الخطأ ما صنعه المصنف، وهو من وهم الإعراب، والصواب: إحداهما.
عبدالرزاق الصاعدي

26/ 3/ 1438هـ
 المدينة المنورة   

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

القول الفصل في تأصيل "ستّ تغييرات" و"ستّة تغايير" (المقال كاملاً بأجزائه الثلاثة):

القول الفصل في تأصيل "ستّ تغييرات" و"ستّة تغايير"

الجزء الأول: التنظير النحوي والصرفي:
      خلاصة ما جاء في المقالة الأولى التي جعلتها بعنوان (الرضي يحسم النِّزاع في مسألة "ستّ تغييرات") أنّ الصّواب أنْ تقول: ستّ تغييرات وستّة تغايير، على قاعدة المغايرة بين لفظ العدد وما يضاف إليه؛ لأن مفرد تغايير: تغيير، وهو مصدر الرباعي فعّل، ومفرد تغييرات تغييرة، وهي اسم المرة من ذلك المصدر، وأن المصادر تلحقها تاء التأنيث لكل ما يراد به دلالة الوحدة أو المرّة، وهو القياس الذي يجري عليه الكلام، وأن هذا المصدر المؤنث يجمع جمع سلامة بالألف والتاء، وما خلا من تاء التأنيث يجمع جمع تكسير عند إرادة التنوّع، ويكون تكسيره على غير وزنٍ، وتكسير ما وزنه تفعيل على تفاعيل، وأنّ كلام العلماء في النوعين يجرى في مجمله على القاعدة، وتاج ذلك قول الرضي في شرح الكافية (القسم الثاني 1/ 687 طبعة جامعة الإمام) في حديثه عن جمع المؤنت السالم حين ذكر أن قياس المصدر الدالّ على المرة أن يجمع جمع سلامة بالألف والتاء، بخلاف المصدر الخالي من التاء فإنه يجمع جمع تكسير، فيقال: ثلاث إكرامات وتخريجات بتجريد العدد من التاء، وثلاثة أكاريم وتخاريج إذا قصدت ثلاثة أنواع من الإكرام؛ لأن أصل الجمع المكسر مذكّر: (إكرام وتخريج) وأصل المجموع بالألف والتاء مؤنث: (إكرامة وتخريجة).
      وكان فيما ذكرته في تلك المقالة غنية للنحويّ والفقيه اللغويّ وحجّة للقطع بصحة (ستّ تغييرات) ولكني رأيت الكلام يستطيل في المسألة ويتشعّب وينحرف بعضه عن الجادّة، فرغبت هنا في مزيدٍ من البحث والبسط ومزيد من المدارسة العلمية مع بعض الأكاديميين الفضلاء ممن خاض في المسألة ووافقني أو خالفني فجعل الصواب (ستّة تغييرات) مع إجازته (ستّ تغييرات) على وجه مرجوح لا راجح، وأما من زعم أنّ (ستّ تغييرات) لحنٌ وسخر من علمائنا الذين تكلموا بها وخطّأهم بغير هُدى ولا وجه حقّ مع خروجه عن أدبيات الحوار العلمي ولجوئه إلى الاستفزاز بأساليب سخيفة فليس للحوار معه أيّ فائدة تُرجى، ولا يُتشاغل بالرّدّ عليه، وكلامي هنا موجّه لأهل العلم والفضل، الذين يعرفون آداب الحوار وهم كُثُر، ومنهم الأستاذ سعيد بن عبدالخالق (وفهمه للمسألة دقيق ولا خلاف بيني وبينه) والأستاذ الدكتور سليمان العيوني، وهو يجيزها ولكنّه يخالفني في الترجيح، فعنده أن الأرجح ستّة تغيرات وأنّ ستّ تغييرات جائزة على ضعفٍ!، وكذلك الأستاذ الدكتور إبراهيم الشَّمسان، وهو يرى أن الفصيح ستّة تغييرات؛ لأن مفرد تغييرات –عنده- تغيير لا تغييرة، كما جاء في آخر مقالاته: (هل نقول: تغيير وستّ تغييرات؟) ويجيز ستّ تغييرات على ضعف، ويرى في توجيهها ما رأيته أوّل الأمر في بعض تغريداتي قبل كتابة مقالي الأول، وذلك باعتبار لفظ الجمع لا المفرد عند المخالفة بين العدد ومعدوده، وهو الرأي المنسوب للكسائي وبعض البغداديين ومنهم ابن قتيبة.. وخصصت الثلاثة بالذكر لأنّ غرضهم علمي، يريدون الوصول إلى الحقّ في المسألة، دون تسفيه الرأي المخالف، فلهم الشكر على ما تفضّلوا به من أُطروحاتٍ مهمّة في حواراتهم.
إن مفتاح هذه المسألة هو معرفةُ مفرد (تغييرات) ومفرد (تغايير) ويتبع معرفتهما الحكمُ على ضوء قاعدة مخالفة العدد معدوده في التذكير والتأنيث، ثم كيف جرى استعمال ذلك على ألسنة الأئمة الأعلام وأقلامهم؟ هذان سؤالان رئيسان يحسم جوابهما النزاع في المسألة، ويأتي بعد ذلك تفنيدُ اعتراضاتٍ رأيتها في بعض كلام أولائك الزملاء الفضلاء.. فإليكم تفصيل القول:

أولاً: كيف يجمع التفعيل مصدر فعّل؟
المصدر نوعان، ولكل نوع قياسٌ في الجمع:
الأول ما خلا من تاء التأنيث، والأصل فيه ألا يجمع، لدلالته على الحدث المجرد، وجمعه بمنزلة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع، فإن أُريد به الأنواع أو خرج عن المصدرية وانجذب إلى الاسمية جُمع جمع تكسير، لما فيه من معنى الاسمية، وحديثنا هنا عن التفعيل مصدر فعّل، فقياسه أن يجمع على تفاعيل؛ لأنّ ما قبل آخره حرف مدّ، كتفعيل وتفعال وتفعول وما يحمل عليها من السداسي كاستخراج، فيقال في تحميد وتقدير وتغيير مما جاء على تفعيل: تحاميد وتقادير وتغايير، وكذلك أخواتها في هذا الباب وما انجذب منه إلى الاسم، لما فيه من معنى الاسمية، وعلى هذا جرى استعمال الأئمة في كتبهم.
ومما سمع منه: (التَّصاوير) جمع تصوير، جاء في أحاديث تحريم التصوير، ومنها ما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها ((أنّها أخبرتهُ أنّها اشترتْ نُمْرُقَةً فيها تَصاوِير)) (البخاري ح 2105 وأخرجه مسلم في اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان. رقم 2107) وقال ابن معصوم (الطراز الأول (صور) 8/ 271) ((التَّصَاوِيرُ: التَّماثِيلُ، واحِدُهَا تَصْوِيرٌ، وهو في الأصلِ مصدرٌ سُمِّيَ به ما يُصَوَّرُ ويجعلُ صُورةً)).
ومنه (التهاويل) جمع تهويل، ففي العين (هول 4/ 87): ((التَّهاويل: جماعة التَّهويل))، وفي الصحاح (هول) 5/ 1855): ((والتهويل: التفزيع. والتهاويل: ما هالك من شئ. وهَوَّلَ القومُ على الرجل))، وقال ابن سيده (المحكم هول 4/ 304): ((قد هَوَّلَ عليه، والتَّهوِيل: ما هُوِّلَ به، قال:
على تَهـاوِيلَ لَها تَهْوِيلُ
... والتَّهاوِيلُ: زِينَة التصاوير والنقوش وَالثيَاب والحلى، واحدها تَهْوِيلٌ)). وقال الفيروزي (القاموس هول 1386): ((والتَّهاويلُ: الألوانُ المختلفة، وزينة التّصاوير والنُّقوش والحَلْي، والتَّهْوِيلُ: واحِدُها)).
     وسيأتي في الجزء الثاني من هذا المقال مزيدٌ من الأمثلة مما جمع على تفاعيل من مصادر جاءت على التفعيل، وهي متّسقة مع القياس لا تندّ عنه، ولذا توسّع فيها العلماء وأجروها في أساليبهم وولّدوا منها ما شاؤوا لعلمهم باطرادها في القياس.
    وما يجمع جمع تكسير في هذا الباب وغيره لا يجمع بالألف والتاء، إلا في ألفاظ قليلة مرصودة حكم عليها النحويون بالشذوذ، وذكروها في كتبهم، ولا يجيزون خروج الباب عن هذا الحدّ إلا على طريق النادر لعلةٍ صحيحة، (ينظر: شرح الرماني 737 تحقيق د. أحمد المعبّدي) لأنه لا حاجة إلي جمعه بالألف والتاء حين يُكسّر، وقال أبو علي الفارسي فيما نقله عنه ابن سيده (المخصص 14/ 119): ((إنما يجمع بالألف والتاء ما لم يكسّر ليكون ذلك كالعِوض من التكسير، فأما ما كُسّر فلا حاجة بنا إلى جمعه بالألف والتاء))، وتوهموا في بعض ما خرج عن قاعدتهم التأنيث حين جاء بالألف والتاء، كأَهْل وأَهَلات وإن كانوا قد قالوا: أهالٍ؛ لأنهم قد توهّموا به: أهْلة. (ينظر: المخصص 14/ 119) وقال ابن مالك بعد أن ذكر ما يجمع بالألف والتاء قياسًا مطردًا: ((وما سِوى ذلك مقصور على السماع)) (شرح التسهيل 1/ 112)، ولذا حاولوا حصر ما خرج عن القياس، قال ابن مالك: (شرح التسهيل 1/ 114): ((فلا يجمع شيء من هذه الأسماء والصفات ونحوها بالألف والتاء إلا إذا سمع، فيعد من الشواذ عن القياس، ولا يُلْحقُ به غيره، فمن الشاذ: سماء وسماوات، وأرض وأرَضات وعُرُس وعُرُسات وعِير وعِيرات، وشمال وشمالات، وخَوْد وخَوْدات، وثَيِّب وثَيِّبات. وأشذّ من هذا الجمع بعض المذكّرات الجامدة المجردة، كحسام وحسامات، وحمّام وحمامات، وسرادق وسرادقات، وكل هذا شاذ مقصور على السماع)).
      ولم أجد فيما شذ عن القياس وذكروه في كتبهم شيئًا من باب (تفعيل) فيعلم بذلك أنه كغيره في القياس المطرد، يجمع جمع تكسير، ولا يجمع جمع سلامة بالألف والتاء، فليس لأحد أن يدّعي أن تغييرًا جُمِعَ على تغييرات؛ لأن القياس يأبى هذا وليس ثمة سماع به، فهو مما كُسِّر على تغايير ومنع من تغييرات، فإن قال: إنهم يقولون في أساليبهم: (فيه من التغيير عدة تغييرات) (وهناك تغييرات: الأول منها) ونحو هذا، قلتُ: هذا منقوض بما سيأتي في الجزء الثالث إن شاء الله.

     والثاني ما فيه تاء التأنيث من المصادر، وهو ما دلّ على الوحدة، ويسمّى اسم المرّة، ويجمع قياسًا بالألف والتاء، وباب هذا الجمع أن يكون للمؤنث الذي فيه علامة التأنيث أو المذكر المسمى باسمٍ فيه هاء التأنيث أو المنعوت بنعت فيه هاء التأنيث، كما يقول السيرافي (شرح الكتاب 14/ 240)، وهو عند التفصيل جمعٌ لخمسة أشياء أوجزها ابن مالك في التسهيل بقوله: ((يُجْمَعُ بالألف والتاء قياسًا، ذُو تاء التأنيث مطلقا، وعلمُ المؤنث مطلقا، وصفة المذكر الذي لا يعقِل، ومُصَغَّرُه، واسمُ الجنس المؤنث بالألف إن لم يكن فَعْلى فَعْلان أو فَعْلاء أفعل غير منقولين إلى الاسمية حقيقة أو حكما. وما سِوَى ذلك مقصور على السماع)) (التسهيل 20 وشرحه 1/ 113) وقال: ((ذو تاء التأنيث مطلقا)) ليدخل في ذلك العَلَم واسم الجنس والمدلول فيه بالتاء على تأنيثٍ أو مبالغةٍ أو اسم مَرّةٍ في المصدر، وما سِوى هذه الأنواع الخمسة مقصور على السماع كما قال (شرح التسهيل 1/ 114)، فيحفظ ولا يقاس عليه، كما يقول ابن عقيل في المساعد 1/ 76، وأصل هذا قول سيبويه: (3/ 615) في باب (ما يجمع من المذكّر بالتاء لأنه يصير إلى تأنيثٍ إذا جمع): ((فمنه شيءٌ لم يُكسّر على بناء من أبنية الجمع بالتاء إذ مُنِعَ ذلك، وذلك قولهم: سرادقاتٌ، وحمَّاماتٌ، وإواناتٌ، ومنه قولهم: جملٌ سبحلٌ وجمالٌ سبحلاتٌ، وربحلاتٌ، وجمالٌ سبطراتٌ. وقالوا: جوالقٌ وجواليقُ فلم يقولوا: جوالقاتٌ حين قالوا: جواليق))، ثم قال عَقِيب هذه الشواذّ: ((فهذه حروف تُحفظ ثم يُجاء بالنظائر)) يعني الجمع بالألف والتاء فيما ليس فيه هاء، كما يقول السيرافي (شرح السيرافي 14/ 241).
      وجاء جمع تلك الشواذ بالألف والتاء تعويضا لها عما فاتها في بابها وهو جمع التكسير، كما قال الفارسي فيما سبق نقله، وإلى هذا يشير الرماني في الشرح (737 تحقيق د. أحمد المعبدي) فيقول: ((ليكون عوضا مما منع من ذلك، ولا يجوز خروجه عن هذا الحد إلا على طريق النادر لعلة صحيحة. وجُمِعَ سرادق: سرادقات؛ لأنه لم يكسّر، وكذلك حمّام وحمّامات)). كما أن ما جمع بالألف والتاء لا يجمع جمع تكسير، فــ((ـلا يجوز في جوالق: جوالقات؛ لأنه كُسِّر على جواليق، ولا يجوز خِنْصِرات ولا مِحْلجات لقولهم: خناصر ومحالج، وإن كان تكلم به المولّدون، ومذهب العرب فيه على ما بيّنا، ويجوز عِيرات حين لم يكسّروها، وجاء على طريق النادر بُوان وبُوانات وبُون، ووجهه أنه جمع بُوانات على قياس الباب، ثم احتيج إلى تكسيره فقيل: بُون على التشبيه بغيره من نحو: خِوان وخُون))، وقريب من هذا ما في شرح التسهيل (1/ 114) لابن مالك.
     ويزيد أبو حيان (التذييل 2/ 100) المسألة بيانًا إذ يقول: ((وبعض هذه الأسماء كُسّر، ومنهم من فصل في ذلك، فقال: إما أن يكون المذكر المكبر جُمع جمع تكسير أو لا، وكذلك أيضاً المؤنث المكبر الذي ليس بعلم، ولا فيه علامة تأنيث، إما أن يكون جُمِعَ جمع تكسير أو لا، فإن كان النوعان جُمعا جمع تكسير فلا يجوز أن يجمعا بالألف والتاء، وذلك نحو: جُوالق وأرنب وخِنْصِر... وقد شذّ من ذلك بُوان وبُوانات وعُرس وعُرسات وضِفْدَع وضِفْدِعات؛ لأنّ العرب قد كسّرتها، فقالوا: بُونٌ وأعراسٌ وضَفادع، ولذلك لُحِّنَ أبو الطيب في قوله:
إذا كان بعضُ الناسِ سَيفاً لدولة       ففي النـاس بُوقاتٌ لها وطُبُـولُ
فجمع بُوقاً على بُوقات وقد كسّرته العرب فقالوا: أبواق.
     وإن لم يكونا جُمِعا جمع تكسير جاز أن يجمعا جمع سلامة بالألف والتاء قياساً مطرداً. وإلى هذا ذهب الأستاذ أبو الحسن بن عصفور أخيراً، فتقول في: حَمّام وسِجِلّ وسُرادق وإصْطَبْل: حَمّامات وسِجِلّات وسُرادقات وإصطبلات. وهذا المذهب هو ظاهر كلام سيبويه))، وهو يريد ما ذكرتُهُ آنفا من كلام سيبويه.
ولهذا كله قال الرضي (القسم الثاني 1/ 687 طبعة جامعة الإمام) قولته الفذّة عند حديثه عن جمع المؤنث السالم: ((ومنه قولك الإكرامات والتخريجات والانطلاقات ونحوها؛ لأن الواحد: إكرامة وتخريجة بتاء الوحدة، لا إكرام وتخريج. وجمع المجرد: أكاريم وتخاريج عند اختلاف الأنواع (يعني حين يجوز جمعه) فالإكرامات كالضربات والقتلات، والأكاريم كالضروب والقتول. فلذا يقال ثلاث إكرامات وتخريجات بتجريد العدد من التاء، وثلاثة أكاريم وتخاريج إذا قصدت ثلاثة أنواع من الإكرام))؛ لأنه وجد أن المصادر بغير التاء تجمع جمع تكسير، فجعل بابها التكسير، على ما جاء في كلام العرب، وباب اسم المرة التأنيث على القياس، فالأصل أنّ كل ما جاء من المصادر مجموعا بالألف والتاء فهو للمرّة (تفعيلة) وكل ما جاء مكسّرا فمفرده مذكر (تفعيل) ولا يختلط هذا بهذا إلا في السهو أو الوهم أو التوهّم، كما سيأتي.
      وبهذا يظهر جليا لكل ذي نظر أنّ الصّواب الذي يوافق كلام العرب وما استقرّ لدى النّحويّين أنّ يقال: ستّ تغييرات وستّة تغايير، ولا يقال: ستّة تغييرات، خلافًا لأصحابنا، أعني الدكتور إبراهيم الشمسان والدكتور سليمان العيوني.
      وسيأتي الكلام في الجزء الثاني على الشواهد وأساليب العلماء مما يثبت ما ذهبت إليه ويقطع به.
ويليه إن شاء الله ذكر الملحوظات وتفنيد الاعتراضات.

(يتبع) الجمعة 2 / 12/ 2016م

الجزء الثاني: شواهد الجمع وأساليب العلماء

     رأينا في التنظير النحوي كيف يكون جمع المصدر، وكيف يفرّقون في الجمع بين المذكر والمؤنث (اسم المرة) فيجعلون التكسير للمذكّر والسلامة للمؤنث، ويحفظون الشواذ ولا يقيسون عليها، وعند إمعان النظر في كلام العرب وأساليب الأئمة العارفين بأحوال اللغة يستبين بجلاء مراعاتهم لتلك القاعدة المبنيّة على رصيد من النصوص والأساليب، فـيجري جمع التفعيل في كلامهم على (تفاعيل)، ويجري اسم المرة منه على (تفعيلات)، ولا ينكسر ذلك إلا عند ساهٍ أو واهم أو متوهّم.. وإليك الشواهد والأساليب:

أولا: شواهد الجمع على تفاعيل وتفعيلات:
1- تفاعيل:
      تقدم في التنظير ذكر بعض الشّواهد لجمع تفعيل على تفاعيل، مما كان مصدرا أُريد به النوع أو انجذب إلى الاسمية، وبقي على حكمه الصرفي، وأذكر هنا مزيدا من الشواهد:
(التصاريف) قال أبو الأسود الدؤلي (لباب الأدب لابن منقذ 22):
رأيتُ تصاريفَ الزمانِ بأهلِهِ     وبينَهُمُ فيه تكونُ النَّوائبُ
 و(التباريح) و(التكاليف) و(التباشير) قال التبريزي في (شرح ديوان أبي تمام 4/ 158ب3): ((والتباريح: جمع تبريح، كما قالوا التكاليف في جمع التكليف، والتباشير في جمع التبشير، وأصل المصادر ألا تجمع، وربما استحسنوا فيها ذلك إذا اختلفت الأنواع)).
وقال الزمخشري (الأساس 23 بشر): ((تباشير الصبح وهي أوائله التي تبشّر به، كأنها جمع تبشير وهو مصدر بشّر))، وقال الأصبهاني في (المجموع المغيث 1/ 161): ((تَباشِير الصُّبح، وهو مَصْدر بَشَّر، لأن طلوعَ فاتحة الشَّىءِ كالبشارة به)).
وقال الفيروزي (القاموس برح 272): ((بَرَّحَ به الأَمْرُ تَبْريحاً، وتباريحُ الشَّوْقِ: تَوَهُّجُهُ))، وللتباريح شواهد كثيرة، منها قول الطرماح (ديوانه 96): 
وذِكْراكِ مالم تُسْعِفِ الدارُ بَيْنَنا     تباريحُ مِنْ عيشِ الحياةِ المبرّحِ
ويرى بعضهم أن التَّعاشِيب والتَّعاجِيب والتَّباشِير جموعٌ لا واحد لها، ولعلها مما غلب جمعه مفردَه فأخمل استعماله، فيعدّ مفرده من المتروك؛ لأن المفرد أصل الجمع، وقد ذكرتُ هذا في (موت الألفاظ) (ص390 مجلة الجامعة الإسلامية).
و(التّقاديم): قال الطبري: (جامع البيان 14/ 295 وينظر الدر المنثور للسيوطي 6/ 502): ((حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، قال: هذه من تقاديم الكلام))، قال محمود شاكر في الحاشية: ((وهي جمع "تقديم" كأمثاله من قولهم "التكاذيب"، "والتكاليف"، و "التحاسين"، و "التقاصيب"، وما أشبهها)).
و(التّحاسين)، قال الأزهري: ((والتَّحاسِين: جمع التحسين، اسمٌ بُنِي على تَفعيل، ومثله تكاليفُ الأُمُور)) التهذيب (4/ 316 حسن) : وقال ابن سيده: ((وكتاب التحاسين، خلاف المشق، ونحو هذا يجعل مصدرا ثمَّ يجمع، كالتكاذيب والتكاليف، وليس الجمع ِفي المصدر بفاشٍ ولكنهُم يجرونَ بعضه مجرى الأَسماء ثمّ يجمعونه)) (المحكم 3/ 144 حسن) يقصد أن الأصل في المصادر ألا تجمع، فحين تجرى مجرى الأسماء أو يراد الأنواع تجمع. وقال سويد بن أبي كاهل (التذكرة الحمدونية 4/ 75، ونُسِب في عيون الأخبار 4/ 64 لبعض النهشليين مع اختلاف القافية):
هو زينُ الوجهِ للمرءِ كما   زينَ الطرفَ تحاسينُ البلقْ
و(التفاطير): أَوَّلُ نَباتِ الوَسْمِىّ، والتَّساخِينُ: الخِفافُ، لا واحد لها مثل التَّعاشِيب.
و(التّجاويد) في قولُ صَخْرِ الغَيِّ:
يلاعِبُ الريحَ بالعَصْرَينِ قَصْطَلُهُ     والوابِلُونَ وتَهْتــانُ التَّجــاويدِ
و(التواكيد) (ديوان الأدب للفارابي 1/ 269  والصحاح  جمع 3/ 1200) والتحاميد (أساس البلاغة حمد) (والتماديح) في قول أبي ذُؤَيب (الجليس الصالح 43):
لَوْ أنَّ مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرِ أَحدَا      أحْيَا أَبَاكَ لَنَا طُولُ التماديحِ
والتواجيه والتفاريع والتخاريف والتحاريف والتقادير والتعاويض والتّباعيض والتّضاعيف والتصانيف والتآليف والتخاريج والتكاليف والتقاطيع والتقاسيم والتعابير والتعاليل والتكابير والتصاغير والتنابيه والتقازيح والتهاويل والتعاسيف.. وكل هذا تكسير تفعيل، وهو يجري على أصله في قياس الباب، ومنه (التغايير) جمع تغيير، وقد جاءت في كلام ابن جني (سر الصناعة2/ 137) وابن سيده (المخصص 4/ 210 تحقيق جفال) وابن عطية (المحرر الوجيز 4/ 213) وحازم القرطاجَنّي (منهاج البلغاء 244) والشاطبي (المقاصد 7/ 432) فهي كأخواتها، ومفردها التغيير.

2—تفعيلات:
     وهذا الجمع السالم يأتي على القياس الذي ذكرته في التنظير، وهو قليل الورود في المعاجم؛ لأنهم لا يذكرون المشتقات القياسية وجموع السلامة إلا في النزر اليسير، وتراه أكثر ما تراه في النصوص والأساليب، والمولّدون في القرن الثالث وما بعده مولعون به، حتى لا يكاد يخلو كتاب من كتبهم منه، ومن لا يعرف بابه يهم فيه فيظنه جمع التفعيل وليس به، فهو جمع المؤنث بالتاء (تفعيلة) كما تقدم بيانه. ومنه: تسليمات وتكبيرات وتحميدات وترويحات وتطليقات وتأويلات وتسبيحات وتبخيرات وتوجيهات وتمثيلات وتأكيدات وتوكيدات وتقسيمات وتصحيحات وتوزيعات وتفسيرات وتهويمات وتشبيهات وتصغيرات وتهليلات وتفريعات وتضعيفات وتصريفات وتعقيبات وتصحيفات وتغييرات.
    وقد يذكرون الجمعين في موضع واحد أو صفحة واحدة، كالتسابيح والتسبيحات (أساس البلاغة سبح 200) والتحاميد والتحميدات (المثل السائر 3/ 108) والتفاريع والتفريعات (فيض الباري 14/ 2513)، والتكاليف والتكليفات (تفسير السمعاني 4/ 153) والتفاسير والتفسيرات (التحرير والتنوير 23/ 53) والتصاريف والتصريفات (دمية القصر 2/ 1018)، ولكل من الجمعين مفرده كما لا يخفى.

ثانيا: أساليب الأئمة في العدد مع تفعيلات:

     جاء العدد من الثلاثة إلى العشرة في الجمعين من هذا النوع من المصادر على القياس المعلوم، وهو المخالفة بين العدد ومعدوده في التذكير والتأنيث، وهو يجري على ألسنة الأئمة الأعلام وأساليبهم فيما يكتبون في اللغة والأدب والتفسير والحديث والفقه، يقيسونه على المسموع القليل عن العرب لاشتداد الداعي إليه، ولأن لغة العلوم والآداب تقتضيه، فهي تحتاج إلى تجديد المعاني وتوليدها حيثما اتجه الفكر، فقالوا: ثلاثة تغايير، وثلاث تغييرات، وكذلك ما جاء على مثالهما، ولم يشذ عن هذا إلا من سَها أو وَهِم، وجمعت هنا شيئا مما وقفت عليه في هذا الباب، لنرى طريقتهم في العدد فيه، فهو حاسم في خلافنا إذ يتمّم ما جاء في التنظير، فمن ذلك:

   1-  (ثلاث تصحيفات) خلف الأحمر (ت 180هـ) (تصحيح التصحيف 523)، ونصه كما نقله الصفدي: ((قال خلف الأحمر: أخذتُ على المُفضَّل في يومٍ واحدٍ ثلاث تصحيفاتٍ)).


   2- (أربع توكيدات) أبو الهيثم الرّازيّ (206هـ) في (التهذيب 1/ 39 المقدمة، و2/ 52 بصع). قال الأزهري: ((أخبرني أبو الفضل المنذريّ عن أبي الهيثم الرّازيّ أنه قال: العَرَب تؤكّد الكلمة بأربع توكيدات)).

   3- (ثلاث تأويلات) أبو بكر الأنباري 328هـ (الزاهر 2/ 376)

   4- (ثلاث تقديرات) أبو جعفر النحاس (338هـ) في (معاني القرآن 4/ 464).

  5- (ثلاث تغييرات) أبو سعيد السيرافي 368هـ (شرح كتاب سيبويه) وفي النسخة التجارية (ثلاثة) وهو تحريف، والصواب (ثلاث) كما في النسخ الخطية، ومنها نسخة نور عثمانية رقم 4590 اللوحة 526أ، ونسخة نور عثمانية رقم 4591 اللوحة 578 أ ونسخة مكتبة فيض الله برقم 1983 اللوحة 435أ (وستأتي صورها في ذيل المقال).

   6- (أربع تجنيسات) أبو هلال العسكري ( 395 هـ) في (الصناعتين للعسكري 330).

   7- (ثلاث تأويلات) أبو الحسن الماوردي 450هـ (النكت والعيون 1/ 244).

   8- (ثلاث تقديرات) بدر الدين الكرماني 505هـ (غرائب التفسير 1/433).

   9- (ثلاث تأويلات) ابن عطية 542هـ (المحرر الوجيز 11/ 93 ).

   10- (ثلاث تأويلات) لابن العربي المعافري 543 (المسالك في شرح موطأ مالك 2/ 481).

   11- (ثلاث تطهيرات) القاضي عياض اليحصبي 544هـ (إكمال المعلم بفوائد مُسلِم 5/ 10).

   12-  (ثلاث تفسيرات) الفخر الرازي 606هـ (مفاتيح الغيب 4/ 69). 

  13-  (غيرت ثلاث تغييرات، أو حولت ثلاث تحويلات) ابن الأثير 606هـ (النهاية 1/ 463 مادة (حول) بتحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي و3/ 1077 مادة (حول) تحقيق أحمد الخراط)، وذكرت المحققين للطبعتين لمكانتهم الكبيرة.

   14- (خمس تغييرات) أبو البقاء العكبري 616هـ (التبيان في إعراب القرآن 1/ 66).

   15- (ثلاث تسبيحات) أبو القاسم الرافعي القزويني 623هـ ( شرح مسند الشافعي 1/ 341).

   16- (ثلاث تمثيلات) ضياء الدين ابن الأثير الجزري 637هـ  (الجامع الكبير في صناعة المنظوم 151).

   17- (ثلاث تقديرات) القرطبي 671هـ (الجامع لأحكام القرآن 11/ 228).
 
   18- (ثلاث تفريعات) رضي الدين الاستراباذي 686هـ (شرح الشافية للرضي 1/ 40).

   19- (أربع تغييرات) عبدالواحد المالقي 705هـ (الدرّ النثير 2/ 43).

   20-  (ثلاث تغييرات) أبو زيد المكّودي 707هـ (شرح المكّودي 345).

   21-  (ثلاث تغييرات/ ثلاث تحويلات) ابن منظور (711هـ) (اللسان 11/ 188 حول).

   22- (ثلاث تبخيرات) الشهاب أحمد النويري 733هـ  (نهاية الأرب 12/ 106).

   23- (ثلاث تغييرات) أبو حيّان الأندلسي 745هـ (ارتشاف الضرب 2/ 599).

    24- (ثلاث تأويلات) أبو حيان الأندلسي 745هـ (البحر المحيط 6/ 346).

   25- (ثلاث تغييرات) المرادي المعروف بابن أمّ قاسم 749هـ (توضيح المقاصد 5/ 121 طبعة المكتبات الأزهرية، القاهرة 1397هـ - 1977م) وجاء العدد مؤنثا بالتاء (ثلاثة) في طبعة دار الفكر العربي (ص 5/ 1443) بيروت 1428هـ والمكتبة الشاملة، وهو وهم، والصواب في الطبعة القديمة المشار إليها، وكذلك في تحقيق فخر الدين قباوة (شرح الألفية للمرادي 2/ 360) وعند الرجوع إلى نسختين خطيتين للكتاب تبيّن أن النص فيهما على الصواب بما يوافق الطبعة القديمة وطبعة قباوة: ثلاث تغييرات، (انظر نسخة مكتبة الملك عبدالعزيز 4068 اللوحة 123أ، ونسخة مكتبة الملك عبدالعزيز 4066 اللوحة 189ب)  (وستأتي صور للمخطوط في ذيل المقال)

   26- (ثلاث تأويلات) ابن عادل الحنبلي 770هـ (اللباب في علوم الكتاب 13/ 500).
   27- (ثلاث تأكيدات) بهاء الدين السبكي 773 هـ (عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح 2/ 100).

   28- (ثلاث تأويلات) شرف الدين النووي 787ه (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 10/ 156).

   29- (ثلاث تغييرات) أبو إسحاق الشاطبي 790هـ (المقاصد الشافية 9/ 293) قال: ((في سادَّ ثلاثُ تغييراتٍ))، فغيرها المحقق (د. محمد إبراهيم البنا) وجعلها ثلاثة، وقال في الحاشية: ((في النسخ: ثلاث)) فغلّب بذلك اجتهادَه وأهمل ما في النسخ، ووقفت على نسخة الإسكوريال برقم 15 اللوحة 123وهي مقابلة بتاريخ 832هـ في حياة المصنف، وفيها: (ثلاث تغييرات) (وستأتي صورتها في ذيل المقال).

   30- (ثلاث تغييرات/ ثلاثة تغييرات) البدر الدماميني 827 هـ (العيون الغامزة 154) كذا في المطبوع، ونسخه الخطية مضطربة، فبعضها جمع بين الكلمتين، كما في المطبوع، وبعضها جعلها (ثلاثة) في الموضعين، وهو وهم، صوابه: ثلاث في الموضعين.

   31- (ثلاث تغييرات) بدر الدين العيني 855هـ (شرح سنن أبي داود 2/ 438).

   32- (ثلاث تشبيهات) بدر الدين العيني 855 هـ (عمدة القارئ شرح صحيح مسلم 2/ 80).

   33- (ثلاث تغييرات) ابن الهمام 861 هـ (فتح القدير 7/ 147).

   34- (ثلاث تأويلات) أبو زيد الثعالبي 875هـ (الجواهر الحسان 1/ 188).

   35- (ثلاث تغييرات) خالد الأزهري 905هـ (التصريح على التوضيح 5/ 186) وفي مطبوعة أستاذنا الدكتور عبدالفتاح البحيري: ثلاثة تغييرات، وهو سهو أو وهم، والصواب ما في النسخ الخطية، ومنها نسخة الملك سعود رقم6235 مصورة عن النسخة الظاهرية (النحو) 90 اللوحة 569أ، ونسخة (الكتب المصرية ترجيحا) ورقمها 964 نحو اللوحة 261أ (وستأتي صورها في ذيل المقال).

   36- (ثلاث تغييرات) السيوطي (910هـ) في (همع الهوامع 3/ 393).

   37- (ثلاث تغييرات) عبدالرحمن الأشموني 900هـ (شرح الأشموني 4/ 177).

   38- (ثلاث تغييرات/ ثلاث تحويلات) محمد طاهر الصدّيقي 986هـ (مجمع بحار الأنوار 1/68).  

   39- (خمس تغييرات) الشهاب الخفاجي 1069هـ (عناية القاضي (2/ 264).

   40-  (ثلاث تغييرات) عبدالقادر البغدادي 1093هـ (خزانة الأدب 11/ 276)

   41-  (ثلاث توجيهات)  عبدالقادر البغدادي 1093هـ (خزانة الأدب 1/ 431) بتحقيق هارون وفيها: ثلاثة توجيهات وهو وهم، والصواب من نسخة المصنف البغدادي بخط يده، وستأتي صورتها في ذيل المقال.
   
    41- (ثلاث تغييرات) محمد الخضري الدمياطي 1287هـ (حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 2/ 169).

  وستأتي تتمة المقال في الجزء الثالث وفيه ملحوظاتٌ مهمة وتفنيدٌ لبعض الاعتراضات.
  
  صور لبعض المخطوطات

شرح السيرافي، مكتبة نسخة فيض الله برقم 1983 اللوحة 435أ
*****

شرح السيرافي، نسخة نور عثمانية برقم 4590 اللوحة 526أ
*****

شرح السيرافي، نسخة مكتبة نور عثمانية برقم 4591 اللوحة 578أ
وهي منقولة عن نسخة عالية
*****

توضيح المقاصد والمسالك للمرادي، نسخة مكتبة الملك عبدالعزيز
 برقم 4066 اللوحة 189ب
*****

وضيح المقاصد والمسالك للمرادي، نسخة مكتبة الملك عبدالعزيز
 برقم 4068 اللوحة 123أ
 *****


المقاصد الشافية للشاطبي، نسخة الإسكوريال برقم 15 اللوحة 123
وهي مقابلة بتاريخ 832هـ في حياة المصنف
*****

التصريح على التوضيح، لخالد الأزهري، نسخة مكتبة فيض الله
 برقم 1941 اللوحة 196أ وتاريخ نسخها 976هـ
*****

التصريح على التوضيح لخالد الأزهري، نسخة مكتبة الملك عبدالعزيز
 برقم 1967 اللوحة 301ب
*****

التصريح على التوضيح لخالد الأزهري، دار الكتب المصرية
 برقم 964 اللوحة 261أ
*****

التصريح على التوضيح لخالد الأزهري، نسخة مكتبة الملك سعود
 برقم 1003 اللوحة 569أ
*****

همع الهوامع للسيوطي، نسخة الإسكوريال برقم 105 فلمية اللوحة 148أ
وهي موافقة للمطبوع
*****

خزانة الأدب، لعبدالقادر البغدادي، بخطة، مكتبة فيض الله
برقم 1952 اللوحة 105أ
 *****


خزانة الأدب، لعبدالقادر البغدادي، مكتبة فيض الله
برقم 1952 وهي بخط يده
-------------------------------

الجزء الثالث: ملحوظات وتفنيد اعتراضات

      فرغنا في الجزءين السابقين في مسألة ست تغييرات من (التنظير النحوي والصرفي) ثم (الشواهد وأساليب العلماء) من أصول كتبهم المخطوطة، ورأينا أنّ استعمال الأئمة الأعلام جاء موافقًا قاعدةَ العدد من الثلاثة إلى العشرة في (تغييرات) وأخواتها، وأنهم حين يُذكّرون العدد مع المجموع على زنة (تفعيلات) يكون ذلك عن وعيٍ منهم بالمفرد، وبما تقتضيه قاعدة الجمع التي بسطتُ القول فيها، وأنهم لم يتواطؤوا على خطأ، كما يظن من لا يُحسن فهم الدقائق في هذه الصناعة، ويبقى في تتمة المسألة وقفات تتصل ببعض اعتراضاتٍ وأساليبَ، وهي:

   الوقفة الأولى: أن العرب تجمع المصادر جمع تكسير حين إرادة النوع أو الأجناس؛ كالضروب والقتول والأنظار والضّيوم، وإذا أرادوا تعداد المرات جمعوه جمع سلامة بالألف والتاء، فقالوا: ضربات وقتلات ونظرات وضيمات؛ لأنهم يجمعون ضربة وقتلة ونظرة وضيمة، وكذلك يفعلون في مصادر فعّل، كما تقدّم، فمن يقول: ست تغييرات إنما يريد: مرات وقوع التغيير، لا أنواعه، وهذا عين المراد في قول خلف الأحمر والسيرافي والمرادي، وغيرهم، فهم يريدون عدد التغييرات لا أنواعها، ولذا يقول القائل: ست تغييرات إذا أراد المرّات والتعدّد، وستة تغايير إذا أراد أنواع التغيير، وإرادة المرّات قد تكون مع اتفاق النوع أو اختلافه، وهذا ملحظ دقيق في العربية، ولكنّ كثيرا من المولدين يتساهلون فيه، فيخلطون في الجمعين بين المعنيين الأنواع والأعداد، فيخالفون الأصل اتساعًا.

    الوقفة الثانية: أن الاحتجاج بأن المفرد المؤنث (تغييرة) لم يرد في المعاجم مردود بأنّ تغييرة اسم مرة من المصدر (تغيير) واسم المرّة معلوم بالقياس، ولا يلزم في بابه سماع، وهو كغيره من المشتقات القياسية التي تسكت عنها المعاجم اختصارا؛ لأنها في حكم المعلوم، كسائر القياسيات المجمع عليها، و((ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع، فإذا حذا إنسان على مُثُلهم وأمّ مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعًا ولا أنْ يرويه رواية)) كما يقول ابن جني (الخصائص 1/ 362 )، ((ألا ترى أنك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول وإنما سمعت البعض فقست عليه غيره؟)) كما يقول أيضا (الخصائص 1/ 369), ولولا هذا ما عرف العلماء مفردات جموع لا واحد لها من أصل الوضع، أو أميت واحدها واندثر، ألم يقولوا إن التَّعاشيب والتباشير والتَّساخين والتَّعاجيب جموع لا واحد لها؟ فأنت تراهم يقدّرون المفرد ويقولون إنه: تعشيب وتبشير وتسخين وتعجيب؟ ويجرون على هذا التقدير قاعدة العدد على وجهها النحوي، ويراعون مفردًا متروكًا لم تنطق به العرب، ويتركون لفظَ الجمع الذي فيه معنى التأنيث والجماعة، فيقولون: ثلاثة تعاشيب ولا يقولون: ثلاث تعاشيب. أليس في ذلك دليلٌ قاطع على أنّ المفرد عندهم حاضر في أذهانهم بالقياس سمع أو لم يسمع؟ وفي هذا يقول محمد الطنطاوي في تصريف الأسماء ص 233 عندما ذكر جموعًا لا واحد لها: ((فتلك الجموع لا خلاف بينهم في أنّ واحدها مقدّر وأنه يكون عند التقدير حسب القياس)). ومن هنا نعلم أنّ مفرد تغييرات تغييرة لا غير، علمناه بالقياس، وشَهِد بذلك ما جرى على ألسنة العرب في هذا الوزن والجمع، كتكبيرات وتسليمات وتفعيلات وتطليقات، ومفردهن تكبيرة وتسليمة وتفعيلة وتطليقة، وكل ما لم يجر على الألسنة من هذا فهو معلوم بالتقدير، وعلى هذا المعيار جرى باب (تفعيلات) كله في العدد، فيما رأينا من أساليب العلماء، كما تقدّم في الأمثلة في الجزء الثاني، من نحو (ثلاث تصحيفات) و(ثلاث تمثيلات) و(ثلاث تقديرات) و(ثلاث تفريعات) و(ثلاث تأكيدات)، و(ثلاث تأويلات) و(ثلاث تبخيرات) و(ثلاث تشبيهات) و(ثلاث توجيهات) وغير هذا، فأين سمعت أنت أو غيرك تصحيفة أو تمثيلة أو تقديرة أو تأكيدة أو تأويلة أو تبخيرة أو تشبيهة أو توجيهة؟ وما الفرق بينهن وبين تغييرة؟

    الوقفة الثالثة: أن الوهم في مفرد تغييرات قد يقع فيقود إلى وهم آخر، إذ يرد في أساليبهم نحو قولهم: (أحد التغييرات) وقولهم: (فيه تصحيفات: الأول) فربما ظُنَّ أن في هذا دليلاً على المفرد، وأنه تغيير لا تغييرة، وهذا مردود أيضا، وهو محمول على الوهم أو التوهم أو التوسّع غير المنضبط، فالقائل هنا يرجع بالمصدر إلى أصله، فيساوي بين تغايير وتغييرات وتصاحيف وتصحيفات، فكما يقول: (فيه تغايير: الأول) يقول: (فيه تغييرات: الأول) وهذا يخالف الأصل الذي وضعت عليه اللغة، في المخالفة بين مفردي الجمعين، فلا يصلح أن يكون مفرد تغايير وتغييرات شيئًا واحدًا، والقياس يأباه؛ لأنّ الوجه التفريق كما تقدم، فينبغي أن يقول: (الأُولى) مع تغييرات، و(الأوّل) مع تغايير، ولو جعلت باب تفعيلات تحت النظر والفحص الدقيق لوجدته يجري على أصله، فهم يقولون: إحدى التكبيرات وإحدى التسليمات وإحدى التطليقات وإحدى التسبيحات، ويقولون: (فيه تكبيرات: الأولى) وكذا مع تسليمات وتطليقات وتسبيحات وتحميدات، فكان القياس على هذا الباب أن يقولوا: (فيه تغييرات: الأولى) أي التغييرة الأولى كالتكبيرة الأولى، ولا عبرة بقول القائل: أحد التغييرات وأحد التنبيهات؛ لأنه يخالف الأصل، ولا يجعل الوهم طريقًا لمخالفة الأصول والأقيسة. ولهذا قال أبو جعفر النحاس (ت 338هـ) في معاني القرآن 4/ 464: ((ثلاث تقديرات: إحداهن)) ولم يقل: أحدهن، ولو قاله لحمل على ما ذكرتُ من التوهم أو الرجوع إلى أصل المصدر (تقدير) تجوّزا واتساعًا لا قياسًا.

الوقفة الرابعة: أن في مطلق الجمع معنى التأنيث كما يقولون، والمجموع بالألف والتاء أكثر دلالة على التأنيث وأشدّ التصاقًا به من جمع التكسير، فهو بابه، ولذا قال ابن يعيش عن تلك الجموع: إن العرب ((تَخيّلوا فيها التأنيثَ، فجمعوها بالألف والتاء على حدِّ ما فيه تاء التأنيث)) (شرح المفصل 3/ 346) أو ((هو مشبّه بما في واحده هاءُ التأنيث)) (النُّكت للأعلم الشّنتمري 2/ 1019) ولهذه العِلّة نلمح في مذهب الكسائي والبغداديين ما يُقرّبه من روح اللغة وبنائها الفلسفي؛ لأنهم حملوا سجلّات وحمّامات على التأنيث مع أنّ مفردهما مذكر؛ فراعوا أصل الباب، وهو التأنيث، وجعلوا المجموع بالألف والتاء دليلا عليه، ليدخل في الباب ما شذ من المذكّرات المجموعة بالألف والتاء، فحملوا القليل على الكثير؛ لأنّ قياس مفرده في الباب أن يكون مؤنثًا، وبمثل هذا علل الحريري (درة الغواص 234) مذهبهم؛ فقال: ((لما كان الغالب على المجموع بالألف والتاء أن يكون مؤنثَ الذي تجرد عدده من الهاء لحق به ما جمع عليهما من جنس المذكر، ليطرد الحكم فيه، ويسلم أصله المنعقد من نقض يعتريه)). فكأنهم انتقلوا من النظر إلى المفرد إلى الاكتفاء بلفظ المؤنث بالألف والتا، وجمهرة العلماء الذين استعملوا (ثلاث تغييرات) يردّون هذا المذهب البغدادي؛ فلا يُحمل كلامهم عليه بل على أصل القاعدة في جمع المصدر ومغايرة العدد، وإنما ذكرته هنا ليُعلَم أنَّ هذا الجمع بابه التأنيث؛ فإذا وقع منه ما يحتمل مفرده التذكير والتأنيث حُمِلَ على المؤنث الجاري على القياس.

الوقفة الخامسة: أن القول بـ ((انعدام استعمال الجمع (تغايير) في المعجمات اللغوية وفي استعمالات اللغويين والنحويين والمفسرين دلالةٌ على عدم تسويغ استعماله، وانعدام استعماله مماثلٌ لانعدام جمع تنبيهٍ على تنابيهَ، وتوجيهٍ على تواجيهَ، والمستعمل في الجمع تنبيهاتٌ وتوجيهاتٌ)) منقوض بأمرين: أولهما القياس على ما سبق ذكره في تكسير تفعيل على تفاعيل وثانيهما استعمال العلماء الأثبات من اللغويين والمفسرين والمحدثين والأصوليين والأطباء والأدباء، فقد جاء هذا الجمع أعني تغايير - في كلام كثير منهم، ونراه في أساليب الرازي ت 313هـ  في (الحاوي في الطب 4/ 571، 5/ 118، 7/ 428) وابن جني ت 392هـ  في (سر الصناعة2/ 137) والخطيب الإسكافي 420هـ  في (درة التنزيل 1/ 67 ) وابن سينا ت : 428هـ في (القانون في الطب 3/ 138 ) وأبي الريحان البيروني ت 440هـ  في (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة 41) وأبي الحسن الماوردي ت 450هـ في (أعلام النبوة 58) وابن سيده ت 458هـ في (المخصص 4/ 210 تحقيق جفّال)، وأبي المعالي  الجويني، الملقب بإمام الحرمين ت 478هـ في (نهاية المطلب في دراية المذهب 1/ 355،  2/ 130،  426، 573، 575، 587، 590، 4/ 339، 5/ 149)، والراغب الأصفهاني ت 502هـ في (الذريعة إلى مكارم الشريعة 294 )، وأبي حامد الغزالي ت 505هـ في (الوسيط في المذهب 2/ 637) وابن عطية 542هـ في (المحرر الوجيز 4/ 213)، وأبي القاسم الرافعي القزويني ت 623هـ في (العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير 3/ 391) وابن الصلاح ت 643هـ في (صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط 164) وحازم القرطاجَنّي ت 684هـ في (منهاج البلغاء 244) وابن الرّفعة ت 710 هـ في (كفاية النبيه في شرح التنبيه 4/ 224 ) وابن الفُوَطي الشيباني ت 723 هـ في (مجمع الآداب في معجم الألقاب 3/ 194)، والشاطبي 790هـ في (المقاصد 7/ 432)، واليونيني ت 726 هـ  في (ذيل مرآة الزمان 1/ 128) والمقريزي ت 845هـ في (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 2/ 370) والنيسابوري ت 850هـ في (غرائب القرآن 6/ 471) فهل لهذا الجمع تغايير - أن يجري على ألسنتهم ويقع في كتاباتهم لو كان مخالفًا للقياس المعلوم في تكسير تفعيل؟!

الوقفة السادسة: أنه يلزم مَن أنكر ستَّ تغييرات تلحينُ الأئمة الأعلام من علماء الأمة، لقولهم: ثلاث تغييرات، وقولهم مثلها فيما جاء في بابها، فيكون خالف القاعدة ولحّنَ العلماء، فارتكب بذلك خطأين وجمع بين قُبحين.

عبدالرزاق الصاعدي

الجمعة 1/ 4/ 1438هـ الموافق 30/ 12/ 2016م