ملخص
الكلام على واو الاسم الموصول المقحمة
كتبه/
يوسف السناري
أولا: [النعت
بالأسماء الموصولة]: الأصل في باب النعت أن ينعت بالمشتقات، وهي: اسم الفاعل واسم
المفعول، والصفة المشبهة، والمصدر، وأفعل التفضيل. وينعت بالجامد المؤول بالمشتق
كالأسماء الموصولة وهو ما نريده في بحثنا هذا. وليس كل الأسماء الموصولة ينعت بها
بل الذي ينعت به من الأسماء الموصولة ما ابتدئ بهمزة وصل كالذي والتي واللتان،
واللذان، والذين واللائي واللاتي... إلى آخره. فلا ينعت بمن وما الموصولتين،
وتؤوَّل هذه الأسماء المنعوت بها بمشتق، فإذا قلت: "جاءني زيد الذي
قام". كأن التقدير: زيدٌ القائم. النتيجة: النعت بالأسماء الموصولة كثير
وثابت في كتاب الله وفي أشعار العرب ونثرها. ومثال النعت بالأسماء الموصولة في
كتاب الله قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:1]
[مسألة زيادة واو
العطف]: زيادة واو العطف أمر يصححه الكوفيون ويمنعه البصريون وابن جني. ينظر:
الخصائص (2 /262) مسألة: يجوز تعدد النعت لمنعوت واحد من غير أن تذكر الواو في
النعت بالمشتق، فنقول: هو العالم، الثقة، الثبت، الحجة. ويجوز أن تذكر فنقول: هو
العالم والثقة والثبت والحجة. وفي هذا يقول الدكتور محمود سليمان ياقوت في كتابه
النحو التعليمي ص (674): "ويجوز التفريق بين النعوت بالواو في بعض الجمل،
ويصبح ما بعد الواو اسما معطوفا حين الإعراب ولكنه نعت من حيث المعنى، ومن ذلك:
"ابتعد عن مصاحبة صديقٍ مختالٍ مغرورٍ" ... تستطيع التفريق بينهما
بالواو نحو: ... مختالٍ ومغرورٍ". انتهى كلامه.
[عطف الشيء على نفسه أو
العطف بالمترادفات]: مسألة عطف الشيء على نفسه تدخلنا في مسألة حقيقة وجود الترادف
وعدمه في اللسان العربي، وبعض العلماء يستدل على عطف الشيء على نفسه بقول يعقوب
عليه السلام في الكتاب {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:
86]. فقالوا: البث هو الحزن، والراجح التفريق بين البث والحزن بأدلة لا يناسب
ذكرها هنا.
مواضع الواو قبل
الموصول: الموضع الذي يصح أن تذكر قبله هذه الواو فيقال: "والذي"
"والذين" و"والتي" ... هي: أولا: يصح ذكر هذه الواو قبل
الموصول إذا تقدمها موصول مطابق له ويكون الأول نعتا لمنعوت متقدم عنه. كقول الله
تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى:2].
ثانيا: يصح ذكر هذه الواو قبل الاسم الموصول إذا كان المعطوف
والمعطوف عليه متغايرين، فالأول شيء والثاني شيء آخر. كقوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ
نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ
مِنْ بَعْدِهِمْ} [إبراهيم:9]. [اقتراح التسمية]: أقترح بأن تسمى هذه الواو بواو
الاسم الموصول أو واو الموصول المقحمة حتى تعم كل الأسماء الموصولة التي ابتدئت
بهمزة الوصل كالذي والتي والذين... إلى آخره.
ثالثا: [القرار]: الراجح ترك استعمال هذه الواو في الأساليب
المعاصرة؛ لعدم وجود أدلة قوية تصححها، فهي خطأ انتشر وتسرب في أقلام الكَتَبَة من
المعاصرين، ولم نجد نصا صريحا يصححه من كلام المتقدمين، فهجره واجب؛ لأمن اللبس
والخلط في توهم عدد المنعوت والمقصود واحد، والله أعلم. والله الموفق وهو
المستعان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*****
قرار
واو الذي: أوراق مقدمة
كتبه
سعيد صويني
بسم الله الرحمن الرحيم. ورقة استرشادية. واو الاسم الموصول بين
الحذف والإثبات والتشوه والعلاج. وهي تلك الواو التي تسبق الاسم الموصول: ( والذي،
والتي، واللذان، واللتان، والذين، واللاتي، واللائي، واللوائي ). أولا: صور وحالات
حذف الواو: * وقوع الاسم الموصول منفردا أو متكررا موقع الإخبار، والابتداء،
والاستئناف، والوصف، والبدل، ومثله عطف البيان: 1-"اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ
الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ".
سورة الشورى ( 17 ). 2-"الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ
كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ".
سورة الأنعام ( 20 ). 3-"الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ".
سورة الأعراف ( 92 ). 4-" فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ
عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ". سورة الماعون (4-6 ).
* وحذف واو الموصول، وبخاصة عند تكراره، في هذه المواضع وجوبا؛ وحسن حذف الواو
بسبب أمن اللبس، وقوة وكمال الاتصال في المعنى بين أطراف الجمل، ولإرادة الفصل
وعدم الاشتراك في الفعل أو الوصف. ثانيا: صور وحالات إثبات الواو: * وقوع الاسم
الموصول موقع العطف، والاشتراك، والاستئناف، والقسم، والتوكيد، والاعتراض،
والتخصيص، والتعدد: 1- "قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ
الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ".
سورة طه ( 72 )، ومثله: "لا، والذي يحلف به"، "والذي نفسي بيده". 2-"وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ
الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا".
سورة الطلاق ( 4 ). 3-"الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا
أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا".
سورة النساء ( 76 ). 4-"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ
مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". سورة التوبة ( 79 ). 5-"إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ". سورة المائدة ( 55 ).
6-"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي
قَدَّرَ فَهَدَىٰ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ". سورة الأعلى (1-4). *
وإثبات الواو قبل الاسم الموصول في هذه المواضع وجوبا يأتي لدفع توهم الوصف، وعند
عدم أمن اللبس، ودفع توهم خلاف المقصود، وإرادة الاشتراك في الفعل، والارتباط بوجه
جامع والتنوع والتعدد وإفادة المغايرة وهي أصل العطف بالواو. *** تلخيص: وهذا مما
أفدته من استعمالات الواو العاطفة والوصل والفصل وذلك من كتاب ( الفصول المفيدة في
الواو المزيدة - صلاح الدين كيكلدي العلائي ) مما له تعلق بالورقة هنا. الفصل بحذف
واو الموصول: -التعلق بين الجملتين بالتأكيد أو الصفة يوجب الفصل. -عدم التعلق بين
الجملتين ووجود اللبس بالعطف يوجب الفصل. -الانقطاع بين الجملتين يوجب الفصل.
-كمال الاتصال يوجب الفصل. -الاستئناف يوجب الفصل. الوصل بالعطف وإثبات واو
الموصول: -يجب العطف لدفع توهم خلاف المقصود. -والحاصل أنه متى كانت الجملة
الثانية مطابقة للأولى لم يعطف وكذلك إذا كانت مغايرة لها إلا أن يكون نوع ارتباط
بوجه جامع. *** الصور المشوهة وطرق علاجها: الصورة الصحيحة: جاء المعلم الذي حضر
بالأمس، والذي ألقى الدرس. الصورة المشوهة: جاء المعلم والذي حضر بالأمس، والذي
ألقى الدرس. حيث وقع التغاير بين المعلم وبين الذي حضر بالأمس من جهة،ووقع
الاشتراك في المجيء من اثنين بدلالة العطف بالواو من جهة ثانية، وحصل الوهم واللبس
خلافا لقصد المتكلم من إرادة الوصف والتخصيص. والعلاج باستعمال الضمير على نحو:
جاء المعلم وهو الذي حضر بالأمس، والذي ألقى الدرس، حيث زال اللبس بالضمير. وكذلك
باستعمال التأكيد على نحو: جاء المعلم والذي نفسه حضر بالأمس والذي ألقى الدرس،
حيث زال اللبس بالتأكيد بنفسه. *** اعتبر هذه الصورة صحيحة وسليمة: المعلم الذي
شرح الدرس. المعلم الذي شرح الدرس ماهر. جاء الطبيب الذي فحص المريض. جاء الطبيب
الذي فحص المريض والذي وصف الدواء. *** واعتبر هذه الصور مشوهة ومعيبة: المعلم
والذي شرح الدرس. المعلم والذي شرح الدرس ماهر. جاء الطبيب والذي فحص المريض. جاء
الطبيب والذي فحص المريض والذي وصف الدواء. *** وخلاصته: التشوه حاصل بسبب إخراج
الكلام من الوصف أو الإخبار إلى الفصل والمغايرة ، ومن حالة الإفراد في الفعل إلى
حالة الاشتراك في الفعل، ومن الوضوح في المقصد من الكلام إلى اللبس والإيهام فيه.
استعمال القرآن صريح في إرادة الوصف أولا ثم العطف ثانيا وذلك عند تكرار الاسم الموصول.
وهذا ملموس في سورة المؤمنون وسورة الأعلى والفرقان والشعراء. قد أفلح المؤمون
الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم ....، والذين هم... إلا رب العالمين الذي
خلقني فهو يهدين والذي هو ..، والذي هو... سعيد صويني، مصر.
*****
واو
الاسم الموصول من منظور الدراسات النحوية الحديثة
د.
عبدالرحمن القرشي
بسم الله والحمد
الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ....
فقد تابعت النقاش
المثمر في مجمع اللغة الافتراضي بخصوص الواو التي تقع أحياناً قبل الاسم الموصول،
وبحكم أنني مهتم بدراسة النحو المقارن وأعمل حالياً على كتابة ورقة بحث باللغة
الإنجليزية عن الجمل الموصولة في اللغة العربية وتحليلها في ظل نظريات النحو
الحديثة ومقارنتها باللغات الأخرى، أود أن أشارك أعضاء المجمع الكرام وأهل
الاختصاص بعض الأفكار بخصوص الجمل الموصول من منظور الدراسات النحوية الحديثة
وأطرحها للنقاش آمِلاً أن يعود ذلك بالفائدة علي وعلى القُراء الكرام.
أولاً: أود أن أعطي القاري الكريم فكرة عن الجمل الموصولة في
اللغة الإنجليزية في ظل نظريات النحو الحديثة. تنقسم الجمل الموصولة لعدة أقسام
والتي تنطبق على العديد من اللغات الأخرى وهي كالآتي:
١. الجمل الموصولة الاعتيادية (Ordinary Relative Clauses):
وهي التي يسبق فيها الاسم الموصول اسماً ظاهراً وتكون جملة صلة
الموصول بمثابة صفةٍ له. وهذا النوع ينقسم أيضاً لقسمين:
أ. الجمل
الموصولة المقيدة (Restrictive
Relative Clauses):
ب. وهي التي يكون
وجودها ضرورياً لتعريف الاسم الذي يسبقها كونه مبهماً بغيرها وهي أيضاً تحصر
المعنى وتقيده ولذلك سميت المقيدة وهي لا يصح حذفها إذا وردت لأن يؤثر على كمال
معنى الرسالة و مثال ذلك ما يلي:
1. The books
which I bought yesterday are very helpful.
١. الكتب الذي اشتريتها بالأمس مفيدةٌ جداً.
ب. الجمل الموصولة
الاعتراضية أو غير المقيدة (Non-Restrictive
Relative Clauses):
وهي التي تفيد معناً أو وصفاً إضافياً للاسم الذي يسبقها كونه
علماً أو معروفاً للسامع من قبل ولذلك يصح حذفها إذا وردت لأنه لا يوثر على كمال
معنى الرسالة ومثال ذلك ما يلي:
2. Jeddah,
which I like, is a very big city.
٢. جدةً
التي أحب مدينة كبيرة جداً.
تمتاز الجمل الموصولة
المعترضة عن الجمل الموصولة المقيدة أيضاًً في اللفظ وفي الكتابة، إذ يجب أن
يسبقها سكتة بسيطة في اللفظ ويجب أن يسبقها ويتبعها فاصلة في الكتابة وذلك ليتحقق
فصلها عن الاسم الذي يسبقها حتى لا يحدث لبس لدى السامع حيث أنه يمكن في اللغة
الإنجليزية وفي لغات أخرى كثيرة استعمال نفس الجملة الموصولة مرة كجملة مقيدة ومرة
كجملة اعتراضية كما يتضح في الأمثلة التالية:
3. The swans,
which are white, are in that part of the lake.
4. The swans
which are white are in that part of the lake.
عند ترجمة هذين المثالين إلى اللغة العربية لا يرد لدى المستمع
العربي إلا معناً وحداً وهو " البجع الذي لونه أبيض يقع في ذلك الطرف من
البحيرة". على أي حال، يسهل التمييز بين المثالين السابقين في اللغة
الإنجليزية وذلك بفضل استخدام السكتة في اللفظ والفاصلة في الكتابة في المثال
الثالث حيث أن المقصود هنا "أن البجع يقع في ذلك الطرف من البحيرة وهو كله
أبيض اللون". أما المثال الرابع فيفيد الحصر أو التمييز هنا حيث أن المقصود
هو أن "البجع الذي لونه أبيض فقط يقع في ذلك الطرف من البحيرة".
هذا فيما يخص القسم الأول وهو الجمل الموصولة الاعتيادية
ونوعيها. ننتقل الآن للقسم الثاني وهو الجمل الموصولة الحرة.
٢. الجمل الموصولة الحرة (Free Relative Clauses):
وهي التي لا يسبق فيها الاسم الموصول اسماً ظاهراً وتسمى أيضاً headless relative clauses وتعني الجملة الموصولة التي ليس لها رأس -إن صح
قول ذلك- لأن علماء النحو يعتبرون الاسم الذي يسبق جملة صلة الموصول "head
"وتعني الرأس، ومثال ذلك ما يلي:
5. Who broke
the window will be punished.
٥. الذي كسر
النافذة سيعاقب.
ويوجد أنواع أخرى من الجمل الموصولة كالجمل الموصولة الظرفية
والتي لا مجال لذكرها هنا كونها غير مرتبطة بموضوع النقاش.
ثانياً: وبعد أن تعرفنا على أنواع الجمل الموصولة في اللغة
الإنجليزية، دعونا نتعرف على أنواع الجمل الموصولة من منظور الدراسات النحوية
الحديثة. من هذا المنظور، تنقسم الجمل
الموصولة في اللغة العربية إلى قسمين رئيسين وهما: الجمل الموصول الاعتيادية
والجمل الموصولة الحرة مثل "جاء الذي ألف الكتاب"و "اشتريت ما
أحب" ورأيت من زارني" وغيرها.
الجمل الموصولة الاعتيادية أيضاً تنقسم لنوعين: مقيدة وغير
مقيدة والأمثلة على ذلك ما يلي على التوالي:
٦. المدينة
التي عشت بها جميلة وكبيرة.
٧. مدينة جدة
التي عشت بها جميلة وكبيرة.
في نطري أن هناك فرق بين الجملة السابعة والجملة الثامنة حيث أن
المدينة المقصودة هنا غير معروفة للسامع وبالتالي جاءت جملة صلة الموصول لتصفها أو
تعرفها وقد يصح أن نقول إنها جاءت لتحصر وتقيد المقصود. بينما جدة أو مدينة جدة هي
اسم علم معروف للسامع وبالتالي جملة صلة الموصول أصبحت اعتراضية تضيف للمقصود ولا
تحصره وتقيده. التفريق بين النوعين يكون سهلاً إذا كان الاسم الذي يسبق الذي اسماً
علماً، أما إذا كان غير ذلك فيصعب التفريق كونه لا يوجد سكتة في اللفظ ولا فاصلة
في الكتابة في الجمل الموصولة في اللغة العربية بخلاف الحال في اللغة الإنجليزية
واللغات الأخرى.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل اللغة العربية عاجزة عن إيصال
المعنيين الواردين أعلاه في المثاليين الثالث والرابع؟ لقد تنين لي بعد التمعن
أننا نستطيع إيصال هذين المعنيين إذا أضفنا الواو قبل الاسم مع الجمل الموصولة غير
المقيدة أو المعترضة وحذفنا الواو مع الجمل الموصولة المقيدة كما موضح في الآتي:
٨. البجع والذي
لونه أبيض يقع في ذلك الطرف من البحيرة.
٩. البجع الذي
لونه أبيض يقع في ذلك الطرف من البحيرة.
أصبح المعنى في المثال الثامن يفيد أن البجع الذي يقع في ذلك
الطرف من البحيرة كله أبيض اللون بينما في المعنى في المثال التاسع يفيد بأن البجع
الذي لونه أبيض فقط يقع في ذلك الطرف من الحديقة.
في رأي أن استخدام
الواو هنا هو للفصل بين الاسم والجملة الموصولة إذ يستوجب استخدامها وجود سكتة
قصيرة بعد الاسم وقبل "والذي".
الدليل على أن هذه الواو للفصل هو مثال أبو بكر الشهير الورد التراث العربي وهو أن
أبا بكر رضي الله عنه مر برجل معه ثوب فقال له: أتبيع الثوب؟ فقال الرجل: لا عافاك
الله، فقال أبو بكر: لقد عُلِّمتم لو كنتم تعلمون، قل: لا، وعافاك الله.
وبالقياس على هذا، نستطيع القول أن هذه الواو هي واو الفصل لأنه
باستخدامها مع السكتة القصيرة المصاحبة لزوماً في الجمل الموصول يتحقق الفصل بين
الاسم والجمل الموصولة وبذلك تصبح اعتراضية وتتوافق مع نظيراتها في اللغات الأخرى.
يجدر الإشارة هنا إلى أن استخدام الضمير العائد وهو الهاء في
"لونه" قد أزال اللبس المحتمل في أن الواو في المثال الثامن ماهي إلا
واو عطف تعطف الجملة الموصولة الحرة على الاسم.
هذا والله تعالى أعلم وأرجو أن أكون قد وفقت في طرحي هذا كما
أرجو المعذرة إن كنت قد أخطأت كوني لست من أهل التخصص في نحو اللغة العربية.
مجمع اللغة الافتراضي
المدينة المنورة
18 صفر 1438هـ الموافق 18 نوفمبر 2016م