الأحد، 13 يوليو 2014

توصيات ندوة الشهر (رمضان):

توصيات ندوة الشهر (رمضان)
"اللهجات في القراءات القرآنية وأثرها في اللغة والتفسير"
14 رمضان 1435هـ

    تكونت الفصحى من العديد من اللغات (اللهجات) واحتوى معجمها على مستوى الألفاظ والدلالة ونظامها الصرفي والنحوي على مستويات الأصوات والأبنية والتراكيب على قدر كبير من اللهجات الفصيحة، ولا يكاد تخلو صفحة من صفحات كتاب سيبويه من إشارة إلى لهجة من لهجاتهم.
    وقد نزل القرآن بالفصحى وما تشتمل عليه من لهجات في الأصوات والأبنية والدلالة والتراكيب، وتعدّدت القراءات لاستيعاب ذلك التنوع اللهجي، فكان تعددها وتنوّعها رخصة عظيمة للتيسير على عامة العرب في بيئاتهم وقبائلهم المختلفة ومراعاة لهجاتهم وأحوالهم في النطق. وفي هذا يقول ابن الجزري في النشر ذاكرا أسباب نزول القرآن بقراءات تتضمن لهجات العرب: ((فأما سبب وروده على سبعة أحرف فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها، والتهوين عليها شرفا لها وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها... وكانت العرب الذين نزل القرآن بلغتهم لغاتهم مختلفة وألسنتهم شتى ويعسر على أحدهم الانتقال من لغته إلى غيرها، أو من حرف إلى آخر، بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك ولا بالتعليم والعلاج، لا سيما الشيخ والمرأة، ومن لم يقرأ كتابا كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم. فلو كلفوا العدول عن لغتهم والانتقال عن ألسنتهم لكان من التكليف بما لا يستطاع))
    ومعلوم أن القراءات المعتبرة عشر قراءات، للقراء العشرة المعروفين، وقد تحققت فيها شروط القراءة الصحيحة وهي:
1-       أن تكون القراءة موافقة للعربية ولو بوجه من الوجوه.
2-       أن تكون موافقة لأحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا.
3-       أن يصح سندها عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهناك قراءات لصحابة كابن مسعود ولتابعين وعلماء كبار لم تصحّ التلاوة بها وسمّيت قراءة شاذة لاختلال الشرط الثاني، فالقراءة الشاذة- في أشهر الآراء - هي ما خالفت رسم المصحف العثماني.. ولذا فهي مما يستشهد به في اللغة، ولا تصح به التلاوة.
وحين تكون القراءات مصدرا للهجات فإن اللهجات وما فيها من أشعار وأساليب هي المعين الذي لا ينضب لتفسير تلك القراءات وفهمها، وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يستعين كثيرا بشعر العرب ولهجاتهم في تفسير القرآن. وروي أنه قال: كنت لا أدري ما فاطِرُ السموات حتّى أتاني أعرابيّان يختصِمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فَطَرْتُها، أي: أنا ابتدأتها.
     وقد تعددت القراءات وكثر القراء، وأحصيت قراءاتهم فاشتهر منها القراءات الأربع عشرة، عشرٌ صحاح وأربع شواذ، بل زاد بعضهم في الشواذ كثيرا حتى وصل بتعداد القراءات الشواذ إلى أربعين فكانت مع العشر خمسين قراءة، فألف ابن جبارة الهذلي المغربي (ت 465هـ) كتابه الشهير: الكامل في القراءات الخمسين. 
التوصيات:
يرى المجمع بعد النقاش في الندوة:
1-      أن القراءات رخصة وتيسير وإقرار بلهجات القبائل وإقرار لهم على نطقهم، ومن يحارب اللهجات يطعن في القرآن من حيث لا يدري.
2-      أن القراءات ليست على مستوى واحد من الفصاحة لأن اللهجات متفاوتة في فصاحتة.
3-      أنه ليس لأحد أن يرد لهجة وردت في قراءة عشرية أو من الشواذ.
4-      أنه لا يحق لمفسر أن يقدم على تفسير القرآن وقراءاته ما لم يكن ملما بلهجات العرب وعارفا بأساليبهم.
5-      أن القراءات من أهم مصادر اللهجات العربية الفصيحة التي نقلت إلينا نقلا صحيحا ﻻ مرية فيه
6-      أن التوسع في دراسة اللهجات يزيد لغتنا ثروة وقوّة.
7-   أن العناية باللهجات ذات الصلة بالقراءات من أوجب واجبات الباحثين اللغويين والأقسام العلمية المتخصصة.
8-     أن اللهجات المعاصرة الموروثة عن لهجاتنا القديمة جديرة بأن تأخذ حظها من الدرس والتهذيب والتأصيل وتمييز فصيحها من عامّيها. 


مجمع اللغة الافتراضي
المدينة المنورة

14 رمضان 1435هـ

الخميس، 10 يوليو 2014

رسالة ابن فارس ومذهبه في التجديد:

رسالة مهمة لابن فارس
 يَظهر فيها مذهبُه في التجديد

       نقلت الأخت الفاضلة صابرين (من أعضاء مجمع اللغة الافتراضي) تغريدات منتقاة من رسالة لابن فارس اللغوي كتبها لأبي عمرو الكاتب الذي كان ينكر فضل معاصريه من الأدباء والشعراء ولا يقيم لهم وزنا، وينصرف عنهم إلى القديم، فكتب إليه رسالة في غاية الأهمية تبين مذهبه في تلقي إبداع المعاصرين ونظرته المتوازنة بين القديم والجديد، وأن المحسن منهم قد يأتي بما لم يسبق إليه، وأن الحُسْن لا يرجع إلى الزمان وإنما إلى الشيء في ذاته.

     وقد اطلع المحقق عبدالسلام هارون وأعجب بها وبفكر ابن فارس فيها، فنقلها في مقدمته لتحقيق معجم المقاييس (1/ 15- 20) 
وفيما يلي مقتطفات منها:
رسالة ابن فارس لأبي عمرو الكاتب:
      كتب ابن فارس لأبي عمرو محمد بن سعيد الكاتب، قائلا: ((ألهمك الله الرشاد، وأصحبك السداد، وجنّبك الخلاف، وحبب إليك الإنصاف. وسبب دعائي بهذا لك إنكارك على أبي الحسن محمد بن علي العجلي تأليفه كتاباً في الحماسة وإعظامك ذلك. ولعله لو فعل حتى يُصيبَ الغرض الذي يريده، ويرد المنهل الذي يؤمُّه، لاستدركَ من جيّد الشعر ونقيِّه، ومختاره ورضيّه، كثيراً مما فات المؤلّف الأول. فماذا الإنكار، ولمَه هذا الاعتراضُ، ومن ذا حَظَر على المتأخّر مضادَّة المتقدِّم، ولمَه تأخذ بقولة من قال: ما ترك الأول للآخر شيئا، وتدع قول الآخر:
 كم ترك الأوّل للآخِر 
      وهل الدّنيا إلا أزمان، ولكل زمان منها رجال. وهل العلوم بعد الأصول المحفوظة إلا خطرات الأوهام ونتائج العقول. ومن قصر الآداب على زمانٍ معلوم، ووقفها على وقت محدود؟! ولمَه لا ينظر الآخر مثلما نظر الأوّل حتى يؤلف مثل تأليفه، ويجمع مثل جمعه، ويرى في كل مثل رأيه. وما تقول لفقهاء زماننا إذا نزلت بهم من نوادر الأحكام نازلة لم تخطر على بال من كان قبلهم. أوما علمت أن لكل قلب خاطراً، ولكل خاطر نتيجة. ولمه جاز أن يقال بعد أبي تمام مثل شعره ولم يجز أن يؤلف مثلُ تأليفه. ولمه حجرت واسعاً وحظرت مباحاً، وحرّمت حلالاً وسددتَ طريقا مسلوكاً. وهل حبيبٌ إلا واحد من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. ولمه جاز أن يُعارض الفقهاءُ في مؤلفاتهم، وأهل النحو في مصنفاتهم، والنظّار في موضوعاتهم، وأرباب الصناعات في جميع صناعاتهم، ولم يجز معارضة أبي تمام في كتاب شذ عنه في الأبواب التي شرعها فيه أمرٌ لا يدرك ولا يدرى قدره.

    ولو اقتصر الناسُ على كتب القدماء لضاع علمٌ كثير، ولذهب أدبٌ غزير، ولضلّت أفهامٌ ثاقبة، ولكلَّتْ ألسُنٌ لسِنة، ولما توشّى أحد بالخطابة، ولا سلك شعباً من شعاب البلاغة، ولمجّت الأسماعُ كلَّ مردودٍ مكرر، وللفظت القلوبُ كلَّ مُرجّعٍ مُمضَّغ... )) 

     والرسالة طويلة، وللاستزادة ينظر: يتيمة الدهر للثعالبي 3/ 463 وما بعدها، ومقدمة تحقيق مقاييس اللغة 1/ 15-20 .



الأربعاء، 9 يوليو 2014

القرار الثالث عشر:

القرار الثالث عشر
تعريب: ] trailer / promo / teaser [

     ناقش أعضاء مجمع اللغة الافتراضي خلال الأسابيع الماضية تعريبَ ثلاثةٍ من المصطلحات الإنݠليزية المستخدمة في الإعلان والدعاية والترويج، وهي: (trailer) و(promo) و(teaser) وكانت أبرز المقترحات لتعريبهنّ كما يأتي:
 (trailer = تشويقة)
 و(promo = ترويجة)
 و(teaser = تلويحة أو تحفيزة أو إغراءة)


    ثم عُرضت خلاصة المقترحات هذه وغيرها على لجنة علمية من علماء اللغة والأدباء والكتّاب فانتهى رأي الأغلبية إلى ما يُصاغ في القرار الآتي:

القرار الثالث عشر:
    يرى مجمع اللغة الافتراضي بعد مداولات الأعضاء واللجنة العلمية ما يلي:
أولا: يكون تعريب: trailer = تشويقة.
ثانيا: يكون تعريب: promo = ترويجة.
ثالثا: يتوقّف المجمع في تعريب teaser لعدم الحصول على الأصوات الكافية، ويؤجل البتّ فيها.

   ويأمل المجمع تداول هذا القرار والالتزام به.
  ويُلحظ أن بعض الكُتّاب سبق أن استخدم كلمة (تشويقة) تعريباً لــ(promo) ولكن المجمع يرى أن تشويقة ألصق بمصطلح trailer. 

مجمـع اللغة الافتراضي
المدينة المنورة
10 رمضان 1435هـ
8 يوليو 2014م

الاثنين، 7 يوليو 2014

شيءٌ من تاريخ رسم الݠيف:

شيءٌ من تاريخ رسم الݠيف

     حين نتتبّع تاريخ رسم القيف نجد أن له أربعَ صورٍ في الرسم، أحدها قديم، عرفه علماؤنا القدامى حين استعانوا لهذا الصوت أو الحرف -كما يسمونه- برمز من لغة أجنبية، وهو الگاف الفارسية (گ) ولم يكن اختيارهم موفّقا، إذ نتج عنه انحرافات صوتية.
      والمغاربة يكتبونه بكاف منقوطة بثلاثٍ من فوقها (ڭ) وهذا أيضا غير مناسب، لأنه يوحي بأن أصله الكاف.
      والجزائريون كتبوه قافا منقوطة بثلاث من فوقها (ڨ) وهذا جيد لولا التباسه بنقحرة الفاء الخفيفة ( v )
      واختار الدكتور خليل عساكر سنة 1950م القاف المنقوطة باثنتين من تحت (ݠـ) وأيّده عبدالعزيز مطر وغيره.

وحين ناقشنا في المجمع خيارات الرسم للقيف عرض الأعضاءُ سبعة اختيارات، وهي أن يرسم القيف:
1-       بنقطتين تحت جسم القاف.
2-       بنقطتين من فوق ونقطة تحت.
3-       بنقطتين عموديتين من فوق.
4-       بثلاث نقط من فوق.
5-       بنقطة وسط دائرة القاف.
6-       بحرف مثل القاف ولكنه مهملٌ من النقط.
7-       بقاف فوقها رأس الهمزة.

ثم عُرض الموضوع بعد نقاش دام شهراً على لجنة علمية فاختارت الأغلبيةُ القاف المنقوطة باثنتين من تحت، فوافق اختيارهم اقتراح خليل عساكر، وكان اختيارا موفقا معللا، لبعده عن اللبس ومحافظته على أصل الحرف.

    وخلاصة تاريخ القيف في الرسم تظهر في المثال الآتي، وهو كلمة (الشرقي) حين تنطق بالقيف ويحتاج الباحث إلى بيان ذلك النطق، فإنه يكتبها كما يلي:

الشرگي (مذهب القدامى)
الشرڭي (عند المغاربة)
الشرڨي (عند بعض الجزائريين)
الشرݠي (اختيار مجمعنا)

   وبهذا يتبين أن القاف المنقوطة بنقطتين من تحت (الشرݠي) هي الأقرب والأليق بلغتنا والأبعد عما يؤدي إلى انحراف صوتي بسبب ذلك الرسم، ونحمد الله أن هدانا إلى هذا.

 عبدالرزاق الصاعدي
9 رمضان 1435هـ


هل القيف صوت أو حرف:

 هل القيف صوت أو حرف؟

     لم يفرق القدامى بين الصوت والحرف، فالصوت الفرعي عندهم يسمى حرفا، وأول من سن تلك السنة في المصطلح سيبويه في الكتاب، وتابعوه في ذلك. وهذا من التجوّز أو التوسّع المقبول في عرف الباحثين اللغويين في التراث، وقد كان القدامى يطلقون على الأصوات الفرعية مسمّى الحرف، فالقيف عندهم حرف، وتابعوا سيبويه في هذا، فنراهم يسمون تلك الأصوات الفرعية حروفا، وهذا ظاهر عند السيرافي والرماني وابن سيناء وابن الناظم وأبي حيان وابن عقيل والخضر اليزدي والسيوطي فهي حروف عندهم، ولم ينكر عليهم أحد في زمانهم.

     قال سيبويه: ((وتكون خمسة وثلاثين حرفا بحروف هن فروع... وتكون اثنتين وأربعين حرفا بحروف غير مستحسنة))
      وقال ابن سيناء في رسالته (أسباب حدوث الحروف): ((وهاهنا حروفٌ غير هذه الحروف، تحدث بين حرفين حرفين فيما يجانس كل واحد منهما بشركِهِ في سببه، ومن ذلك الكاف الخفيفة التي ذكرناها))
    وذلك كان قبل التفريق بين الحروف الأصلية والأصوات الفرعية أو بين اصطلاحَي الحرف والصوت أو الفونيم والأُلوفون عند الأصواتيين المحدثين. يقول تمام حسان في اللغة العربية معناها ومبناها: ((ومن الواضح أن سيبويه مع تفريقه بين أصول الحروف وفروعها لم يكن يفرّق بين اصطلاحي "الحرف" و"الصوت" على نحو ما يفرّق علم اللغة الحديث بين اصطلاحي phoneme و sound أو allophone, فالحرف لديه يشمل كل ذلك))

    ولذا أقول: من سمّى القيف حرفا فلا أراه مخطئاً، لأنه سار في هذا على منهج علماء العربية القدامى، ولنا فيهم أسوة حسنة، ومن سماه صوتا فهو الأقرب إلى الصواب، وقد سار فيه على منهج الأصواتيين المحدثين. وأنا أميل إلى تسمية القيف صوتاً لا حرفاً، على منهج المحدثين، وحتى لا يُظنّ بعض العامّة وعامّة الخاصة أنه حرف من الحروف الأصلية التسعة والعشرين (أو الثمانية والعشرين على مذهب من لا يفرق بين الهمزة والألف)

عبدالرزاق الصاعدي
       9 رمضان 1435هـ

الأربعاء، 2 يوليو 2014

الرد على المقال الأخير في القيف:

الرد على المقال الأخير  في القيف

      كتب أحدهم رداً في مسألة القيف أنكر فيه فصاحة القيف، فأقول له: أخي الحبيب؛ لقد أتعبتَ نفسك وتكلّفتَ ما لا طائل من ورائه، واتّضح أنك لم تفهم قرارَي المجمع (العاشر والحادي عشر) ولم تفهم مرادي ولم تفقه ردودي وإيضاحاتي المتكررة في القيف والقفقفة، والحديث أيها الحبيب لم يكن في تفصيح القيف والقفقفة، ولا يعنيني أن تكون القفقفة فصيحة أو غير فصيحة، فهذا شأن آخر لم أبحث فيه، وكنت في تاريخ هذه الظاهرة اللهجية القديمة باحثًا لغويًّا وصفيًّا، كغيري من الباحثين الوصفيّين من القدامى والمعاصرين، يعنيني وصف الظاهرة كما جاءت عن العرب، واسم الصوت ورسمه، فوصفتُ وسمّيتُ ورسمتُ، واتخذ المجمع قراره في ذلك، والسلام.

4 رمضان 1435هـ