الجمعة، 28 يونيو 2013

قرار مجمع اللغة الافتراضي في قولهم (بدل فاقد)

القرار المجمعي الثامن:
قرار مجمع اللغة الافتراضي في قولهم (بدل فاقد)
   
     كتب المشرف على المجمع قبل أشهر مسودة قرار (بدل فاقد) ثم عرضت مسودة القرار على عدد من المتخصصين في العربية من المملكة وغيرها، يزيد عددهم عن مئة، تم التواصل معهم بطرق التواصل الحديثة، وممن عرضت عليهم مسودة القرار أعضاء قسم اللغويات بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية، وعدد من الأساتذة في أقسام اللغة العربية بالجامعات السعودية، وجامعات عربية، بالإضافة إلى أعضاء مجمع اللغة الافتراضي في حسابه على تويتر من أهل التخصص، وقد تفضّل بالردّ ممن استُطلعت آراؤهم وطلب منهم النظر في مسودة القرار تسعةٌ وسبعون عضواً، وكانت النتيجة كما يأتي:
أولا: أربعة وسبعون عضوا أجازوا الاستعمال الدارج (فدل فاقد)
ثانيا: خمسة أعضاء لم يجيزوه وتمسكوا بالأصل (بدل مفقود)

فصدر القرار المجمعي بالأغلبية الساحقة، وهذا نص القرار:

   ((يرى مجمع اللغة الافتراضي أنَّ الأصل في الأوراق الثبوتيّة التي فُقِدت واستخرج بديلٌ عنها أنْ تُسمّى: (بدل مفقود) ويُجيز المجمع الاستعمال الشائع المعاصر (بدل فاقد) ويرى أنه صحيح لفظاً ومعنى، وأن غرضه الاتّساع في اللغة، أو المجانسة اللفظية والمشاكلة مع قولهم: (بدل تالف) وهو محمول في التصريف على العدول في الصيغة، إما من باب فاعل بمعنى مفعول، أو من باب النسب الشاذ، بمعنى ذي فقد، كنظائره مما جاء في القرآن والحديث النبويّ وفصيح كلام العرب، ولوجود ما يؤمن به اللبس وهو إضافةُ كلمة (بدل) إلى (فاقد) فالبدل للمفقود وليس للفاقد، وهنا يؤمن اللبس، أو يحمل على تضمين الفعل (فَقَدَ) معنى (ضاع) فيكون لازماً، ويكون الشيءُ فاقداً أي ضائعاً.
    ويرى المجمع أن إجازته على هذه الأوجه اللغوية أولى من تعسّف الرّدّ وتخطئة الناس، فاللغة استعمال وقياس، وجريان هذا اللفظ على الألسن مساير لقانون علم اللغة الاجتماعيّ ولا ينافي أقيسة العربية المشار إليها)) انتهى.

للاطلاع على مسودة المدونة انظر:
 http://almajma3.blogspot.com/2013/06/blog-post_1232.html

للطلاع على تعليقات الأساتذة المصوتين على القرار وآرائهم انظر:

   http://almajma3.org/vb/showthread.php?t=1512

الجمعة، 28 يونيو، 2013

نفاضة الجراب 41 موضوعات لغوية مقترحة للرسائل العلمية

نفاضة الجراب 41
موضوعات لغوية مقترحة للرسائل العلمية
في تغريداتٍ متفرّقة في حسابي الشخصي بتويتر ذكرتُ عددا من الموضوعات التي تصلح لأن تسجل في رسائل علمية (ماجستير أو دكتوراه) أردت بها أن أخدم طلاب الدراسات العليا، وكانت تغريدات متفرقة في أوقات مختلفة، خلال عام، فاتت على الكثيرين، فرأيت أن أجمعها هنا، وهي هدية لطلابنا ممن يبحوثون عن موضوعات.. ومنها:
1- التعليقات والنوادر لأبي علي الهجري (بتحقيق حمد الجاسر) مصدر من مصادر الفوائت المعجمية، مغفولٌ عنه، وهو يصلح موضوعاً لرسالةٍ علمية.
2- باب الهمزة في معاجم القافية كثيرٌ من معانيه معادٌ في المعتلّ، وهو موضوع شريف لكتابة رسالة علمية فيه بعنوان (التداخل بين المهموز والمعتل في معاجمنا القديمة).
3- الوثائق القديمة التي نشرها المؤرخ فايز البدراني يمكن أن يُستخلص منها أكثر من موضوع رسالة علمية في اللغة .. ومنها أسماء الناس.
4- النون الثانية في الرباعي بين الأصالة والزيادة وفك التضعيف.. مثال: دنقس أراها مفكوكة من دقّس.
5- موضوع يصلح رسالة دكتوراه: ظاهرة التصغير في أسماء الناس في الحجاز: دراسة لغوية تحليلية.
6- ثمة تقارب خفي وعجيب بين المضعفات والمعتلات، كذمّ وذام، وزلّ وزال، وصبّ وصاب، وهو موضع بحث نفيس جدا. وهذا موضوع رسالة ماجستير باذخة.
7- أسماء الناس في قبيلة حرب في العصر السعودي: وادي الصفراء أنموذجا.
8- دراسة أسماء الأعلام في قبيلة عتيبة: منطقة عفيف أنموذجا.
9-ومثل هذا في سائر القبائل والبيئات المنغلقة نوعا ما.
10- عيوب المعجم العربي القديم. (وهو موضوع كبير ومهم جدا) أتمنى أن ينبري له طالب في رسالة دكتوراه.
11-اللهجات المهاجرة وعلاقتها بأصولها في جزيرة العرب.. قبائل ليبيا أنموذجا.. موضوع رسالة دكتوراه مقترح.
12- الضاد الفصيحة المشربة باللام في قبيلة دعد من هذيل: دراسة صوتية ميدانية.. موضوع مهم ويعتمد على المشافهة والتسجيل.
13- معاجم الشيخ محمد ناصر العبودي اللغوية جديرة بأن يوجه لها طلاب الدراسات العليا في أقسام اللغويات لدراستها دراسة لغوية تحليلية تأصيلية.. ويمكن أن يكتب فيها 20 رسالة علمية.
14- ضرائر الشعر أضرت بالنحو .. ونحتاج إلى دراسة جادة أو رسالة دكتوراه تتناول أثر الضرائر في التقعيد النحوي والصرفي.
15-بحر المديد بين القدامى ومحود شاكر: دراسة عروضية تحليلية.. موضوع نفيس.
16-التداخل الدلالي في الأسماء بين المذكر والمؤنث: دراسة لغوية دلالية تحليلية.. موضوع مقترح لرسالة ماجستير أو دكتوراه..
17-انفرادات الصاحب بن عباد في المحيط موضوع نفيس لرسالة دكتوراه.
18-ما سبب تغير نطق بعض الحروف العربية كحرف القاف في الحجاز وهل له أصل قديم وفي أي عصر حصل تغيّره؟ موضوع يصلح لرسالة علمية!
19-يمكن أن تُكتب سبعون رسالةً علمية في لهجاتنا المعاصرة وتأصيلها وربطها بماضيها اللغوي العريق .. فأين أقسامنا اللغوية من ذلك؟


أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
الجمعة 1434/8/19 هـ 2013/06/28 م العدد : 18328
al-madina.com/node/462738

نفاضة الجراب 40 تفاريق في الأدب والشعر على مسؤوليتي

نفاضة الجراب 40

تفاريق في الأدب والشعر على مسؤوليتي
هذه خواطر وشذرات متنوّعة في الأدب والشعر كتبتها في تغريدات متفرّقة في أوقات مختلفة في حسابي الشخصي على تويتر، فأردت أن أجمع بعضها هنا في نفاضة الجراب.. ومنها:
1- لا تهمل الطفل بداخلك.. نفّسْ عنه حتى لا يموت.
2- العمر كالنّهر العذب، مصبّه في البحر المالح.
3- لماذا تختلط أحلامنا بالكوابيس؟!
4- من فضائل المَشرق أنه يوقظ الشمس ولا يحبسها.
5- أشعة الشمس تصل إلى كل مكان، لكنها لا تصل إلى أعماقنا المجهولة!
6- الشمس هي تلك التي تشرق داخل نفوسنا كل وقت وحين.
7- لن تعانيَ من العطش حين يكون الينبوعُ في داخلك..!
8- للشعر فضل كبير على العرب، فقد هذّب نفوسهم وهيّأهم للإسلام.
9- لولا الشعر في الجاهلية لكان العرب وحوشاً ضارية في جزيرتهم!
10- نستعين بالشعر على يبوسة النحو والتصريف.
11- ربما كان أصحاب المختارات (الحماسات والمفضّليات) أشعر من الشعراء.
12- تركت "عيار الشعر" حين عرفت أن تذوق الشعر لا عيار له.. فصار منهجي فيه: أنت وذوقك.!
13- حين كنت أحفظ معايير الشعر لم أكن أتذوّقه، فلما نسيتها تذوّقته!
14- كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من أعظم المتذوقين للشعر.
15- إنما خلق الله ضرائر الشعر رحمة بالشعراء وتعذيباً للنحاة.
16- كيف نعتقل لحظاتنا الهاربة كما فعلت غادة السمان..؟!!
17- السير الذاتية اعتقال للماضي وترميم له.
18- ثلاثة يكذبون: مؤرّخ الدولة، ومدّاح القبيلة، وكاتب السيرة الذاتية.
19- مع أن السيرة الذاتية "تلميع" للماضي إلا أنني مغرم بقراءة سِير الرجال.. ومن أهمها ذكريات الطنطاوي ومذكرات الملك الحسن الثاني.
20- السير الذاتية للمغاربة تجتذبني.. ومنها ما كتب عن انقلاب الصخيرات وانقلاب الجنرال محمد أوفقير، ومنها: "حدائق الملك" لفاطمة أوفقير و"السجينة" لمليكة أوفقير.
21- من أمتع ما قرأت "تزممارت: الزنزانة رقم 10" لأحمد المرزوقي، أحد ضباط انقلاب الصخيرات بالمغرب، لا أعرف حجم الكذب فيها، لكنها مؤلمة ومبكية.!!
22- أمتعُ الكذّابين محمد شكري في "الخبز الحافي" قرأتها عدة مرات..!
23- رؤوف مسعد كان (وقحاً) في سيرته الذاتية "بيضة النعامة" وبطبيعة الحال كان كاذبا.
24- رغم التلميع كانت سيرة محمد أسد "الطريق إلى مكة" لا تقاوم لجمال أسلوبها.
25- سقيفة الصفا لحمزة بوقري سيرة ذاتية "مكّيّة" شيقة قرأتها هنا على صفحات هذه الجريدة قبل ثلاثين سنة..
26- (مذكرات حرف علّة) سيرتي الذاتية المفترضة.. لم تُكتب بعد، ولا أعلم كم سيكون حجم الكذب فيها.. أقول هذا حتى لا يغضب مني محمد سعيد طيب وكاتب سيرته أحمد عدنان.!

أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
جريدة المدينة، ملحق الرسالة- الجمعة 1434/8/19 هـ 2013/06/28 م العدد : 18328
http://www.al-madina.com/node/461244

الخميس، 27 يونيو 2013

مسودة قرار بدل فاقد

مسودة قرار
للمجمع اللغوي الافتراضي
 (بدل فاقد).. توجيهٌ لغويّ
أعدها/ أ.د. عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
شاع في الاستعمال اللغويّ المعاصر قولهم (بدل فاقد) وهي عبارة شبه رسمية ترد في بعض المؤسسات الحكومية في بعض البلدان العربية للدلالة على وثيقة أو بطاقة تستخرج بدلَ مفقودٍ، ويكتبون عليها (بدل فاقد) ولهذا الاستعمال في التصويب اللغوي وجهان: وجهُ قبولٍ ووجهُ رفض، ولذا يختلف في أمره أهل اللغة، بين قابل ورافض.. وفيما يأتي خلاصة الوجهين، على ضوء السماع والقياس:
أولا: توجيه الرفض:
يرى أصحاب هذا الرأي، أن التركيب الصرفي لكلمة (فاقد) لا يطابق المعنى المراد؛ لأن الشيء مفقودٌ وليس فاقداً، فهو من قولهم: فُقِد الشيءُ فهو مفقود، وليس فاقدا، أما الفاقد فهو صاحب الشيء، الباحث عنه، فيكون البدل للمفقود، وليس لصاحبه الذي فقده، فالصواب أن يقال: (بدل مفقود) لا بدل فاقد؛ ويؤيد هذا الوجه:
1- أن الأصل في الصيغة الصرفية أن تأتي على المعنى الذي وضعت له، منعا للتخليط واللبس، وليس ثمة ما يمنع أن يقال بدل مفقود حتى يُعدل إلى بدل فاقد!
2- أن هذا الاستعمال بدل فاقد - مولّد، وينبغي أن يقاس على أوجه الكلام الذي يصح القياس عليه، وهو أن توضع الصيغ في محلها، وليس للمتأخرين حقّ المخالفة أو القياس على القليل.
ثانيا: توجيه القبول:
يرى المجيزون أن قولهم: (بدل فاقد) من باب (فاعل بمعنى مفعول) ومعلوم أن من سَنَن العربية العدول اللغوي في الأبنية أو التحويل في الصيغ، وقد جاء العدول في صيغ عديدة، وسمع في ألفاظ متفرقة من القرآن والحديث وكلام العرب، وجاء للتوسع في الكلام والتفنن فيه أو المشاكلة أو طلب الخفة، والعرب قد تعبّر بالفاعل عن المفعول، وتعبر بالمفعول عن الفاعل، وتتوسع في العدول في صيغ دون صيغ، ولكلٍّ شواهد في كلامهم، رصدها علماء اللغة.
والقدامى مختلفون في توجيه ما جاء معدولا من باب (مجيء الفاعل بمعنى المفعول) ولهم فيه مذهبان:

المذهب الأول: أن هذا من باب فاعل بمعنى مفعول:
            وهو  يوافق مذهب الكوفيين وكثير من البصريين في أمثاله، ومما جاء منه على هذا التوجيه مما في القرآن أو الحديث أو تكلمت به العرب:
أ ـ مما في القرآن:
ومنه قوله سبحانه: ( فهو فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)]  الحاقة 21  [أي مرضيّ بها، فاعل بمعنى مفعول.
وقوله: (يقولون أإنا لمَرْدُودُونَ في الحافِرَة) ]النازعات 10  [قيل: الحافرة بمعنى الأرض المحفورة.
وقوله: (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) ] الطارق: 6 [ أي مدفوق.
وقوله: (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) [هود: 43] ، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) [العنكبوت: 67] ، أي مأمونا فيه.
وقوله: (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) [الإسراء: 12] ، أي مُبصَراً بها.
ب ـ ومما في الحديث الشريف والأثر:
جاء في كتب غريب الحديث والأثر للحربي والخطابي والزمخشري وابن الأثير عدد من الأحاديث، منها:
حديث العباس رضي الله عنه: (ما بال قريش يلقوننا بوجوه قاطبة) أي مقطّبة.
ومنه الحديث: (لا يزال الشيطان ذاعرا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس) أي مذعورا.
و(لا رَأْيَ لحازق) أي محزوق، وهو الّذي ضاقَ عليه خُفُّه فحزق قدمه، أي ضغطها.
            وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي (كنا بحاضرٍ يمرّ بنا النا) الحاضر: القوم النـزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضر اسما للمكان المحضور. يقال نزلنا حاضرَ بني فلان، أي محضورهم، فهو فاعل بمعنى مفعول.
ج ـ ومما جاء منه في كلام العرب وأشعارهم :
حكى الأصمعي أن العرب تقول: (ناقةٌ ضاربٌ إذا ضُربت، فهي مضروبة) فبناء الفعل للمفعول يدل على كون ما اشتق منه اسم مفعول.
ويقولون: وسرٌّ كاتم بمعنى مكتوم، وَهَمٌّ نَاصِبٌ، ويومٌ فاجر، قال وَعْلَةُ الجَرميّ:
ولمّا رأيتُ الخيلَ تَترى أثائِجا     علمتُ بأنّ اليومَ أحمسُ فاجرُ
أي يوم صعب مفجور فيه، وقول الشاعر:
لقد لمتِنا يا أُمَّ غيلانَ في السُّرى      ونمتِ وما ليلُ المَطِىِّ بنائمِ
أي بمنوم فيه.
ومنه (ساحِلُ البحر ) قالَ ابن دُرَيد هو فاعل بمعنى مفعول  لأنّ الماء سحله أَي قشره.
وفي المصباح: طريق شارع يسلكه الناس عامة فاعل بمعنى مفعول، مثل طريق قاصد، أي مقصود.
ومنه جَبَلٌ حالِقٌ لا نباتَ فيه، كأنه حُلِق، قال ابن سيده في المخصص: هو فاعِل بمعنى مَفْعول.
والغامر الخراب من الأرض، وقيل ما لم يزرع، وهو يحتمل الزراعة، وقيل له غامر لأن الماء يغمره فهو فاعل بمعنى مفعول.
واللاحب: الطريق الواضح، وهو فاعل بمعنى مفعول، أي: ملحوب.
و أمر عارف؛ أي معروف فهو فاعل بمعنى مفعول، ومنه قول الحُطيئة يهجو الزِّبرِقان:
دَعِ المَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها    واقْعُدْ فإنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي
 أي: المُطْعَم المَكْسوّ.. فاعل بمعنى المفعول.
واشترط ابن ولاد في رده على الفراء منع اللبس، فهو يرى أن ( مثل ذا إنما يجوز فيما لا يلبس، فأما ما ألبس فلا يجوز فيه ذلك، ألا ترى أنك لو قلت: لا ضارب في الدار، وأنت تريد مضروبا، لم يعلم المخاطب حقيقة ما أردت، وكذلك لو قلت: رأيت زيدا ضاربا، وأنت تريد مضروبا، لم يعلم ما نويت، وفي هذا اختلاط الكلام والتباسه وفساده. وأما احتجاجه بعيشة راضية فإن العيشة لا تكون فاعلة من رضيت البته، ولا تكون إلا مفعولة، فلما لم يحتمل غير وجه واحد لم يجز فيها لبس، وكذلك ماء دافق، لما كان الماء لا يفعل ذلك كان بمنزلة عيشة راضية، فأما عاصم وضارب وما أشبههما فلا يجوز فيه ذلك، ولا أن تضع مفعولا في موضع فاعل، ولا فاعلا في موضع مفعول؛ لأن الرجل قد يكون عاصما ومعصوما وضاربا ومضروبا، بحقيقة المعنيين المختلفين، فلم يجز أن تضع أحدهما في موضع الآخر فيلتبس هذا بهذا)
وشرط ابن ولاد يتّسق مع فطرة اللغة وطبيعتها، وهو طلب الوضوح وتنكب طرائق اللبس، و عليه جرت العربية فيما ورد عنهم من نصوص في ما جاء من فاعل بمعنى مفعول، ففي كل مثال ما يمنع اللبس، ظاهرا أو مقدرا مفهوما.

المذهب الثاني:
وهو مذهب كثير من البصريين، وعلى رأسهم الخليل وسيبويه، وهم ينكرون (باب فاعل بمعنى مفعول) ويرون أن ما جاء في ظاهره أنه منه ينبغي أن يحمل على باب النسب الشاذ، أي إنه فاعلٌ بمعنى ذي كذا، مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ، فقولهم: هَمٌّ ناصِبٌ: ذو نَصَب ، ومنه في أحد القولَيْن: «عِيشَةٌ رَاضِيَةٌ، ومَاءٌ دَافِقٌ»  أي: ذاتُ رِضاً، وذو دَفْقٍ، وكذلك قوله تعالى: (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)  أي لا ذا عصمة.
قال سيبويه في باب الإضافة (2 /382): (وتقول لمن كان شيءٌ من هذه الأشياء صنعته: لبَّان، وتمارٌ، ونبَّال... وتقول: مكانٌ آهلٌ، أي: ذو أهلٍ. وقال ذو الرمَّة:
إلى عَطَنٍ رَحْبِ المَبَاءةِ آهِلِ
وقال الخليل: إنَّما قالوا: عيشةٌ راضيةٌ، وطاعمٌ وكاسٍ على ذا، أي: ذات رضاً وذو كسوة وطعامٍ، وقالوا: ناعلٌ لذي النَّعل، وقال الشاعر:
كِليني لهمٍّ يا أميمةَ ناصِبِ     وليلٍ أقاسيهِ بطيءِ الكواكبِ
أي: لهمٍّ ذي نَصَبٍ)
واستنكر أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن على الفراء في توجيهه (ماء دافق) (إعراب القرآن 5 /124) بمعنى مدفوق، وقال: فاعل بمعنى مفعول فيه بطلان البيان، ولا يصح ولا ينقاس، ولو جاز هذا لجاز ضارب بمعنى مضروب، والقول عند البصريين أنه على النسب، كما قال الشاعر:
وليس بذي سيفٍ فيقتلني به      وليس بذي رمحٍ وليس بنبّالِ
وقال الزجاج: معناه من ماء ذي دفق، وكذلك سرّ كاتم، ونَقل عنه الواحديّ في البسيط (23 / 409) أن هذا الذي قاله الزجاج هو قول جميع النحويين..
قلت: هذا تعميم لا يصح، ينافيه المنقول عن الكوفيين وغيرهم، ولعله يريد البصريين.
لكن ابن جني يفرق بين المعنى والصنعة الصرفية، قال في (الخصائص 1/ 152، 153): ((فأما تفسير أهل اللغة أن استاف القومُ في معنى تسايفوا؛ فتفسير على المعنى، كعادتهم  في أمثال ذلك، ألا تراهم قالوا في قول الله عز وجل: (مِن ماءٍ دافِقٍ) : إنه بمعنى مدفوق, فهذا -لعمري- معناه، غير أن طريق الصنعة فيه أنّه ذو دفق كما حكاه الأصمعي عنهم من قولهم: ناقة ضارب إذا ضُرِبَت. وتفسيره أنها ذات ضَرْبٍ أي ضُرِبَتْ. وكذلك قوله تعالى: (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) أي لا ذا عصمة، وذو العصمة يكون مفعولا، كما يكون فاعلا فمن هنا قيل: إن معناه: لا معصوم)
ومع الاختلاف بين الكوفيين والبصريين في تأويل ما جاء من هذا الاستعمال اللغويّ إلا أنّه غير منكر، ولكن أكثرهم يحفظه ولا يقيس عليه، وربما قاسه بعض المعاصرين، كالدكتور أحمد الحوفي الذي أجاز القياس عليه، وصوّب على أساسه بعض ما شاع منه على ألسنة الناس والكُتّاب في اللغة المعاصرة.

الخلاصة والرأي:
تقدم آنفا الحديث في قول المعاصرين (بدل فاقد) بمعنى مفقود، ووقفنا بالتفصيل على شواهد مما جاء على (فاعل بمعنى مفعول) من القرآن والحديث وكلام العرب وأشعارهم، ورأينا الخلاف بين البصريين والكوفيين في تلقّيه ، فلكل من المدرستين تأويلها لما جاء من هذا الاستعمال اللغويّ، وهو  عربيّ قرآني، لا تشوبه شائبة، ولكن أكثرهم يحفظه ولا يقيس عليه، وربما أجاز بعض المعاصرين القياس عليه، وصوّب على أساسه بعض ما شاع منه على ألسنة الناس والكُتّاب في اللغة المعاصرة.
وأرى أن قولهم في الدوائر الحكومية وغيرها: (بدل فاقد) استعمال صحيح، وهو بمعنى مفقود على مذهب الكوفيين، أي بدل عن شيء مفقود، أو أن فاقدا بمعنى ذي فقد على مذهب البصريين، أي على النسب الشاذ، وذو الشيء قد يكون مفعولا كما يكون فاعلا.
ومما يعضد تصحيحَه لغةً ويحملنا على  قبوله:
1-   أنّ ثمة شاهداً لكلمة (فاقد) بمعنى مفقود أو ذي فقد، وهو قول بِشْر بن أبي خازم:
ذكَرتُ بها سلمى فظَلْتُ كأنَّني     ذكرتُ حبيباً فاقداً تحتَ مَرْمَسِ
أي حبيباً مفقوداً (ديوان بشر80) واستشهد به ابن سيده على مجيء فاعل بمعنى مفعول. (المخصص 4 /400  والمحكم (حلق)
2-   أن في (بدل فاقد) عدولاً عن الأصل، ولا يُعدَل عن الأصل إلاّ لغرض، والغرض هنا معنوي وهو المبالغة في صفة الفقد، ولفظيٌّ؛ لأن هذا التركيب جاء مصاحبا لقولهم (بدل تالف) فاستحسنوا معه أن يقولوا (بدل فاقد) للمجانسة والمشاكلة بين اللفظين المتصاحبين، والبدل يعطى في الحالتين: الفقد والتلف، ومعلوم أن المجانسة قد تؤثر في الصيغ، ولها شواهد، وفسر بها الفراء رأيه في (عيشة راضية) قال: (وأعان على ذلك أنها توافق رؤوس الآيات التي هنّ معهن) ومنها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ارجَعْنَ مَأْزوارتٍ غيرَ مأجورات» قال السمين: الأصل: «مَوْزورات» ولكنْ أُريد التواخي، وكذلك قولُهم: «إنه ليأتينا بالغدايا والعَشايا» ويعني أنَّ الأصلَ: «بالغَدَاوى» لأنها من الغُدْوة، ولكن لأجل ياء العشايا جاءت بالياء دون الواو) (الدر المصون 4/ 213)
3-   أن في هذا التركيب (بدل فاقد) ما يؤمن معه اللبس الذي اشترطه ابن ولّاد، وهو هنا سياق الإضافة لكلمة (بدل) فالبدل للمفقود وليس للفاقد بمعنى الفاعل، فالتركيب وما يكتنفه من سياق يخصص المعنى ويرفع اللبس.
4-   وثمة تأويل؛ وهو أن (بدل فاقد) يمكن توجيهه بتقدير محذوف مضاف (بدل للرجل الفاقد) أو بتقدير لام الملكية (بدل للفاقد) أي يعطى لفاقد الشيء، ثم حذفت اللام، واستعيض عنها بالإضافة، لأنها تفيد الملكية.
5-   ويرى د. أحمد مختار عمر  (في معجم الصواب اللغوي 1/ 570) أنه يمكن تصحيح هذا الاستعمال بتضمين الفعل (فَقَدَ) معنى (ضاع) فيكون لازماً، ويكون الشيءُ فاقداً أي ضائعاً.

وأقول في الختام: إنه على الرغم من أن النفس قد تميل إلى الأصل الوضعي (بدل مفقود) إلا أني أرى ألّا نحجّر واسعا، ولا نضيّق على الناس ونعطل آلة القياس، فأرى أن  قولهم (بدل فاقد) صحيح لفظاً ومعنى، وأن غرضه الاتّساع في اللغة، أو المجانسة اللفظية والمشاكلة مع قولهم: (بدل تالف) وهو محمول في التصريف على العدول في الصيغة، إما من باب فاعل بمعنى مفعول، أو من باب النسب الشاذ، بمعنى ذي فقد، كنظائره مما جاء في القرآن والحديث النبوي وفصيح كلام العرب، ولوجود ما يؤمن به اللبس، وهو إضافة كلمة (بدل) إلي (فاقد) فالبدل للمفقود وليس للفاقد، وهنا يؤمن اللبس، وفوق هذا كله فله شاهد على اللفظ، في شعر جاهليّ.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الأربعاء، 26 يونيو 2013

فوائت المعاجم القطعية والظنية

الفوائت القطعية والفوائت الظنية

فوائتُ المعاجم العربية القديمة نوعان: فوائتُ قطعية وفوائتُ ظنية، وهي كما يأتي:

الأول:  نوعٌ قطعيُّ الحكمِ بأنّه من الفوائت؛ وأسميه ((الفوائتَ القطعية)) لأنّه مذكورٌ في مصدرٍ قديم، كدواوينِ الشعرِ وكتبِ الأدبِ واللغةِ والنوادر، وهذا النوعُ لا خلافَ في كونِه من الفوائت؛ لأنه مرصودٌ أيامَ الفصاحة، ولكنه لم يجدْ طريقَه إلى المعاجم؛ لأنَّ المعجميين لم يصلوا إليه.

أما الثاني: فهو ظنيُّ الحكم، وأسميه: ((الفوائتَ الظنية)) لأنه يفتقرُ إلى نصّ قديمٍ يثبتُ وجودَه القطعيَ في الاستعمال أزمانَ الفصاحة، ولكنْ يمكنُ بلطفِ الصنعةِ استخراجُ قدرٍ صالحٍ منه مما هو مخبوءٌ في لهجاتِنا المعاصرة.
وفي هذا النوعِ يبرزُ السؤالُ التالي: حينَ نجدُ لفظةً معاصرةً من لهجاتِ القبائلِ في جزيرةِ العرب أخلتْ بذكرِها المعاجم، كيف نستطيعُ أن نحكمَ بأن ذلك اللفظَ أو تلك الدلالةَ هي مما فاتَ المعاجمَ تدوينُه؟ وما المعيارُ الذي به نحكمُ؟
لم يذكرْ أحدٌ من اللغويين - حسبَ علمي- شيئاً في هذا، ولذا اجتهدتُ في وضعِ ضوابطَ أو معاييرَ تفيدُ الباحثينَ اللغويينَ في بحثِهم عن الفوائتِ في لهجاتِنا المعاصرة، وهي ثلاثة:

الأول: المعيارُ اللفظي:
وأعني به بناءَ الكلمةِ واشتقاقَها وموافقةَ ما جاءَ من كلامِ العرب زمنَ الفصاحة، أصواتاً وبنيةً.. والباحثُ اللغويُّ يدركُ السبكَ العربيَّ الفصيح، ويدركُ أيضاً ما يلحقُ باللهجاتِ من تغييراتٍ عاميةٍ تؤثّرُ على تصريفِ كلامِهم في كثيرٍ من ألفاظِهم الفصيحة، وفي وسعِه أن يردَها إلى أصلِها البنائيّ بيسرٍ أو بلطفِ الصنعة.
فمن ذلك كلمةُ: (الخَشِير بمعنى الشريك) فهي عربيةُ الصوتِ والبنية، و(ارتبش) بمعنى ارتبك واضطرب، و(الزّرمة وأزرمني) بمعنى الهمّ، و( درق وأدرَقَ ويدّرق وادّرق عنه والمُدّرق بمعنى المختبي) و(ادمح الزلة) وادمح زلتي، وادمح خطاي، وفلان يدمحُ الزلة.. و(الجُغُود بمعني الزُغُود، أي الخدودُ الممتلئة) وهذه الأخيرةُ يقرّبُها الإبدالُ الذي يقعُ بينَ الزاي والجيم مما أوردَه أبو الطيبِ اللغوي في كتابِ الإبدال. فالمعيار اللفظي متحققٌ في هذه الألفاظ، ومثلها كثير.

الثاني: المعيار الدلالي:
وهو أن تكونَ الدلالةُ مناسبةً لحياةِ العربِ في أزمانِ الفصاحة، أي مما هو مألوفٌ في حياتِهم، فإن كانتِ الدلالةُ لشيءٍ حادثٍ في العصورِ المتأخرة مما جدّ في الحياةِ عُرفَ أنها دلالةٌ محدثة، وأنها ليست من فوائتِ المعاجمِ القديمة.
وحينَ  نُنعمُ النظرَ في الأمثلةِ السابقةِ (الخشير  وارتبش والجغود ويدمحُ الزلة) نجدُ أن الدلالةَ متوافقةٌ مع ما يألفُه العربُ في حياتِهم اليومية، وليستْ دلالةً حادثةً بعدَ أزمانِ الفصاحة.

الثالث: المعيارُ الجغرافي:
وأعني به بيئةَ اللهجة، فحينَ تكونُ اللهجةُ واسعةَ الانتشار معروفةً في عددٍ من القبائلِ المتفرقة فإنّ ذلك يرجّحُ فصاحتَها مع الأخذِ بالمقياسينِ السابقين، فإن كانتِ الكلمةُ محصورةً في قبيلةٍ أو بيئةٍ واحدةٍ فحسب دعا ذلك إلى التريثِ قبلَ الحكم بأنها من فوائتِ المعاجم، مع أن القدامى أثبتوا في معاجمِهم ما يُسمعُ من قبيلةٍ واحدةٍ أو من شاعرٍ واحد، لكننا في مقامِ احترازٍ، فيحسنُ التشدّدُ هنا؛ لأن أمرَ الفوائتِ ظنيّ.
فكلماتٌ مثل (الخشير والجغود ويدمح الزلة، والرهوة المكانُ المرتفع، والشروى  وشرواك أي مثيلُك، وأزريت بمعنى عجَزْتُ عن فعلِ شيء، والهمطُ وهو الهذرُ في الكلام، وانحاشَ بمعنى هربَ وولّى، وارجهنّ بمعنى جلسَ وسكن، والعزقُ بمعنى التضييق، ومتحشّد أي مستحٍ) هي كلماتٌ منتشرةٌ بينَ قبائلِ الجزيرةِ وبيئاتِها.
ويتصلُ بهذا المعيارِ الجغرافي ما سميتُه: (لهجاتُ القبائلِ المهاجرةِ عن أوطانِها) كالهجرةِ إلى المغربِ العربي، فتَلاقي لغاتُ المشارقةِ بالمغاربةِ في كلمةٍ أو دلالةٍ بهجية يدلُّ في الغالب- على قِدَمِ الكلمةِ أو الدلالة؛ لأنّها وصلتْ إلى لغاتِ المغاربةِ منذ زمنٍ مبكرٍ مع القبائلِ إلى هاجرتْ إلى تلك الديارِ أيامَ الفتوحاتِ الإسلامية، أو في الهجراتِ المتعاقبةِ وآخرُها تغريبةُ بني هلال، فالتوافقُ يشيرُ إلى قِدَمِ اللفظِ أو المعنى، وأنه يرجعُ إلى أيامِ الفصاحة؛ لأن استعمالَه - في الغالبِ - كان شائعاً قبلَ نزوحِ تلك القبائلِ إلى المغربِ العربي بزمنٍ يكفي لشيوعِه وتمسّكِ (المهاجرينَ والباقينَ في ديارِهم) به، ليبقى حيّا في البيئتينِ، على الرغمِ من تباعُدِهما وشبهِ انقطاعِ الصلةِ اللهجيةِ بينهما مما يجعلُنا نطمئنُّ كثيراً إلى الحكمِ بقدمِ الكلمةِ أو الدلالة، وأنها من الفوائتِ الظنية التي تقتربُ من الفوائتِ القطعية .

وقد وجدتُ توافقاً واضحاً بين لهجاتِنا ولهجاتٍ في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا في عددٍ من الألفاظٍ اللهجيةٍ الدارجة، وهذا التوافقُ يعزّزُ فصاحةَ اللفظ، ويرجّح أنه مما انتقلَ قديما إلى تلك الديارِ مع هجراتِ القبائلِ العربيةِ القديمةِ المتعاقبة.

وأقول: إن اجتماعَ هذه المعاييرِ الثلاثةِ في كلمةِ أو دلالةٍ لهجيةٍ يقربُها من درجةِ اليقينِ حين يُحكمُ بأنها من الفوائت، دونَ الجزمِ المطلقِ بذلك؛ لتعذّرِ القطعِ بالفائتِ دونَ شاهدٍ أو نصٍ قديم، بخلافِ الفوائتِ القطعية، فهي مرصودةٌ في مصدرٍ قديمٍ موثوق، كدواوينِ الشعرِ وكتبِ الأدبِ واللغةِ والنوادرِ ومصادرِ التراثِ الموثوقِ بها.

عبدالرزاق فراج الصاعدي
الأربعاء، 26 يونيو، 2013

الجمعة، 14 يونيو 2013

نفاضة الجراب 39 تفاريق لغويّة معجميّة على مسؤوليتي 2/2

نفاضة الجراب 39
تفاريق لغويّة معجميّة على مسؤوليتي 2/2

1- ويلٌ لأُمّة تفكّر بغير لغتها.!

2- ويلٌ لأُمّة لا تُعنى بترجمة العلوم إلى لغتها، فتبقى عالة على غيرها.

3- ويلٌ لنا من مبتعثينا حين يزدرون لغتنا.

4- تعريب رسائل مبتعثينا واجب وطني.. وعلى كل مبتعث أن يعرّب رسالته، وأرى أن يكون ذلك شرطا للتّعيين.

5- ألفاظنا في لهجاتنا - في الأعم الأغلب - ليست مخترعة ولا حادثة بعد عصور الاحتجاج، بل هي قديمة قدم إنسان الأرض المباركة هذه.

6- إحياء الرواية اللهجية في هذا العصر خطوة جريئة ومغامرة علمية صعبة تحسب للمؤمنين بها من أهل اللغة.

7- الأعراب هم مادة المعجم العربيّ، وهم وقوده الأول.

8- مرحلة الرواية في العمل اللهجي وصناعة المعجم هي أخطر المرحل وأهمّها.. ونحن الأن في مرحلة رواية لهجيّة حديثة آمل أن تضيف إلى معجمنا شيئا.

9- أغلب مفرداتنا اللهجية المهجورة ستموت قريبا، وبعضها مات، ولذا وجب تدوين فصيحها وتخليده في معاجم لغوية مطوّلة.

10- لهجاتنا منبع عذب يروي معجم الفصحى، لكنها تحتاج إلى عناية أكبر وتعاون في الرواية ودقة في الوصف والتحديد الجغرافي قبل التحليل والتأصيل والمعجمة.

11- مرحلة الرواية في العمل اللهجي وصناعة المعجم هي أخطر المراحل وأهمها.. ويمكننا في عصرنا هذا بعث الرواية اللهجية من جديد.

12- لا يمكن للغويٍّ متمكّن من لغته أن يزدري لهجةّ فصيحة، ولا يمكن له أن يكتم فرحته باستخراجه كلمة من الفوائت الظنية من لهجاتنا..!

13- الألفاظ تموت وتفنى، وبعض ألفاظنا في لهجاتنا مُعرّض للاندثار القريب، وقد مات من ألفاظ الفصحى كثيرٌ كما يقول الكسائيّ.

14- انغلاق المعجم العربي وقصره على ألفاظ عصور الاحتجاج سيؤدي باللغة العربية إلى الشيخوخة المبكرة، ثم العجز.!

15- لولا المولد والمحدث لشاخت اللغة وهرمت.. المولد والمحدث ابنان شرعيان من رحم القياس، وما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم.

16- كان ابن جني يتعامل مع اللغة المحكية في زمانه ببراعة اللغوي التطبيقي، وجعل من صديقه الأعرابي العُقيلي مختبرا لغويا يُجري عليه تجارب الكلام.

17- معاجمنا العراقية تعاني من جملة عيوب.. وعيوب المعاجم ومشكلاتها موضوع يمكن أن يكتب فيه أكثر من رسالة دكتوراه.. لكن طلابنا يفرّون من الصعب.

18- كم كان سيفوت معاجمنا لو لم ينقل الأزهري من أعراب هوازن سُنيّات الأسر، وابن سيده من تعليقات أبي عليّ الهَجَري!؟

19- لم يصل إلينا من التعليقات والنوادر للهَجَري إلا قطعتان ناقصتان لا يُدرى أهما من أوله أو من آخره..؟ فكم ضاع من الفوائت القطعية بضياع بعضه!؟

20- منهج الصرفيين القدامى في الإعلال والإبدال بديع وصحيح في جملته، وكل محاولات المعاصرين في نقده باءت بالفشل.

21- أشتهي أن أكوي يد من يكتب: (مِائة) بالألف، والصواب (مِئة) فليس في العربية ألف قبلها كسرة، وكتابتها (مائة) تسببت في خطأ لغوي، إذ ينطقونها: ماءَة مثل ساعة.!
أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
جريدة المدينة، ملحق الرسالة الجمعة 1434/8/5 هـ 2013/06/14 م العدد : 18314

نفاضة الجراب 38 تفاريق لغوية معجمية على مسؤوليتي 1/2

نفاضة الجراب 38
تفاريق لغوية معجمية على مسؤوليتي 1/2
هذه تفاريق لغويّة عرضت عفو الخاطر دونتها في أوقات متفرقات، وهي شذرات من رأيي في اللغة والمعاجم، فرأيت أن أجمع ما تيسر منها في جرابي، فمنها أقول:

1- المعجم هو عقل الأمّة وضميرها، والأُمّة التي لا تُعنى بمعجمها لا عقل لها.

2- المعجم العربي القديم عراقيّ، وعلم اللغة عراقيّ، والنحو عراقيّ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

3- لهجاتنا لم يدون أكثرها، ونحن نعذر صناع المعاجم لبعدهم عن جزيرة العرب.

4- المعجم اللهجي (اللفظي) المعاصر في بلادنا فصيح في جملته، والفساد في التراكيب النحوية، وقد فقد النحو من ألسنة الناس منذ زمن ابن خلدون.

5- من العجز والتقصير أن يقف اللغويون المعاصرون في بلادنا موقف المتفرجين على ألفاظ أخطأتها أعين المدوّنين القدامى.

6- العراقيون دونوا جمهور اللغة العامّة وبعض اللهجات، وفاتهم ما فاتهم، ومن حقنا أن نبحث عن الفوائت التي فاتتهم، وهي مدفونة في لهجاتنا.

7- العراقيون كانوا ينتقون في معاجمهم، فتركوا الكثير لأسباب متنوعة.

8- العراقيون لا يلامون في شيء.. قدموا لنا معاجم تشبه المعجزات..ولأنهم بشر فقد فاتهم الكثير، وبخاصة لهجاتنا في الجزيرة، فقد كانوا بعيدين عنها.

9- من العجز والتواني أن (نطبطب) على ظهور معاجمنا العراقية ونقول: إنها كاملة.

10- لو أصلحنا معاجمنا من عيوبها، وجمعنا فوائتها فإننا سنفخر على سائر الأمم بهذا المعجم العظيم الذي كانت فاتحته ودُرّته وعينه (العين) للخليل.

11- أمام اللغويين المعاصرين عمل معجميّ كبير وشاق جدا لإصلاح المعاجم العربية وتكملتها من لهجاتنا.. وهو عمل يحتاج إلى جهود أجيال! وأخطر مراحله وأهمها بعث الرواية من جديد، ثم وضع المعايير.

12- اللسان من المعاجم العراقية، مع أنّ مؤلفه مصري، وكذلك المحكم لابن سيده والقاموس للفيروزبادي.

13- حين أصف معاجمنا القديمة بأنها عراقية لا أذمها.. فرضي الله عنهم وجزاهم خيرا.. ولكني أريد بذلك أن أوصل رسالة مهمة، ولعلها وصلت!

14- إن عشرة قرون بعد عصور الاحتجاج لا تضيف إلى رصيد اللغة شيئا هي ثقوب سوداء في تاريخ أيّ لغة.

15- حين تقتصر أبحاثنا على ما وصل إلينا من العربية في عصور الاحتجاج فإننا نلغي من تاريخ لغتنا عشرة قرون.. وألم تقدم هذه القرون العشرة للعربية شيئا؟

16- المولد والمحدث يمكن أن يكونا مكسبا للعربية وثروة حين توجد المعايير.

17- المعجم الوسيط لمجمع القاهرة من أهمّ معاجم اللغة العربية.

18- لنا في سلفنا العظيم أسوة حسنة، فلم يهملوا شيئا مما كان يُنطق، فمنه ما دون في المعاجم، ومنه ما دون في كتب لحن العامة.

19- إصلاح المنطق لابن السكيت يدلنا على منهج السلف في تتبع ما فسد من (المنطق) لإصلاحه و(المنطق) يقول إن لهجاتنا أولى بالإصلاح.

20- يتبع.

أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
جريدة المدينة، ملحق الرسالة
الجمعة 1434/8/5 هـ 2013/06/14 م العدد : 18314