الخميس، 31 يناير 2013

مجمع اللغة العربية الافتراضي في تويتر.. واقع افتراضي

مجمع اللغة العربية الافتراضي في تويتر
واقع افتراضي .. بديلاً عن غياب الواقعي
أميرة بنت سليمان القفاري

تمخض عن تحولات العصر الرقمي ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي حظيت بتفاعل علمي وثقافي واجتماعي جعلها عالماً افتراضياً يمثل امتداداً للعالم الواقعي والتفاعل الإنساني، ولا يخفى على مرتادي هذه المواقع أثرها على اللغة العربية سلباً وإيجاباً، فلئن كانت تخدم اللغة في جانب التفاعل العلمي والإبداع الأدبي وملاحقة التطور التقني، فإنها شكلت خطراً من جهة أنها منتج غربي استمرأت الألسنة العربية مصطلحاته الإنجليزية، فصارت تتعاورها الألسنة حتى عند النخب العلمية والثقافية، وكذلك من ناحية أنه يسوق للأخطاء اللغوية عن طريق التفاعل الاجتماعي الذي يدور فيها.

ولئن كانت اللغة العربية قادرة على مُواتاة ومواجهة هذا التحدي الرقمي بوصفها لغة حية تتفاعل مع التطورات الزمنية والرقمية، فإن المشارك في هذه المواقع يلمس جهوداً تتغيا المقاربة بين تحولات العصر الرقمي واللغة العربية ومواجهة الخطر الذي أفرزته هذه المواقع عن طريق إضبارة جهود فردية مشتتة، وجمعية منظمة تروم بث الوعي اللغوي فتدرك منظومة التطور، وتحفظ المقدرة اللغوية، وتعتني بالأساليب كمعرفات التصحيح الإملائي على سبيل المثال، وأخرى تسعى للمواجهة على نطاق أوسع تتمثل في التصحيح اللغوي، والتعريب، والتأصيل، وتقديم الاستشارات في سائر علوم العربية عن طريق المتخصصين الأكاديميين.

ومما يلفت نظر المنتمي إلى موقع «تويتر» تأسيس مجمع افتراضي للغة العربية كان حلماً للغيورين على اللغة العربية في العالم الواقعي، ويقوم عليه نخبة من المتخصصين بقيادة عميد كلية اللغة العربية في الجامعة الإسلامية أ.د عبدالرزاق الصاعدي، ونشهد في صفحة المجمع مواجهة لتحولات العصر الرقمي وخدمة اللغة العربية بشكل عام، وذلك بجهود المؤسسين والمتابعين المتفاعلين على مستوى العالم العربي الذين تجمعهم همة «خدمة اللغة العربية وأساليبها ولهجاتها» كما هو مثبت في صفحة تعريف المجمع وموقعه الرسمي.

وتتمحور أهدافه-حسب التعريف-بنشر الوعي اللغوي وتربية الذائقة اللغوية السليمة، وتقريب الفصحى ومحاربة التلوث اللغوي، وخدمة النصوص اللغوية وتحليل نماذج منها، ومحاولة تعريب ما لم يعرب من المصطلحات الحديثة وخصوصاً ما شاع بين الأجيال المتأخرة من وسائل التقنية الحديثة، وقد عربت من خلال المجمع جميع مصطلحات موقع «تويتر» الإنجليزية كتعريب كلمة Retweet»» إلى: تدوير على سبيل التمثيل وليس الحصر، على أن للمجمع توجهات مثيرة للجدل كالسعي لدراسة اللهجات العربية وتقريبها من الفصحى، وربط اللهجات المعاصرة لشعوب الأمة العربية كلها بالموروث اللغوي القديم والكشف عما طرأ عليها من تغيرات فرضتها البيئات الحديثة أو الاحتكاك بالأمم والشعوب الأخرى، ودعوة الجامعات لدراسة الشعر الشعبي..!، إذ لقي المجمع انتقاداً من بعض الغيورين على اللغة العربية والفصحى وأفضت هذه الأهداف إلى حوارات ثرّة مؤيدة ومعارضة، ولا غرّو في أن ثمّ من يختلف مع بعض أهداف المجمع فالاختلاف وارد كالاتفاق، لكن لا ريب في أننا نتفق على أن الجهد الذي يبذل في سبيل خدمة اللغة العربية والحرص على هيبتها في موقع «تويتر» يستحق الإكبار والتقدير، والتفاعل اللغوي الذي يدور على صفحة المجمع يسهم في تأصيل، وتفسير، وتصحيح يفيد المطلع وينشر الوعي اللغوي.

إن مجمع اللغة العربية الافتراضي يمكن أن يكون بذرة لعمل مؤسسي يرتقي باللغة العربية، ويبث الوعي اللغوي في العالم الافتراضي والواقعي، وفي ظل الجاذبية والإقبال الذي حظيت به مواقع التواصل الاجتماعي أعول عليه استغلال هذا الإقبال وتوسيع دائرة نشاطه باستغلال خريجي اللغة العربية المتمكنين في بث الوعي ومعالجة الضعف اللغوي الظاهر عند ثلة من رواد هذه المواقع عن طريق عمل منظم يسعى من خلاله إلى إنشاء إضمامة معرفات للتصحيح اللغوي تكون تحت إشراف المجمع، وعقد دورات في علوم العربية ينبري لها الأكاديميون المتخصصون وتسعى لاستقطاب المغردين والارتقاء بلغتهم وأساليبهم الكتابية، ومن هنا أدعو الغيورين على اللغة العربية ووسائل الإعلام لسقي هذه البذرة كي تتجذر وتؤتي أكلها كل حين عن طريق دعمها والسعي لتأسيس مجمع واقعي في بلادنا العامرة يتكامل مع الافتراضي في سبيل خدمة اللغة العربية.


أميرة بنت سليمان القفاري
مقال في الجزيرة (الثقافية) الخميس 19 ,ربيع الاول 1434 العدد 394
http://www.al-jazirah.com/culture/20...13/almlf22.htm

الجمعة، 25 يناير 2013

نفاضة الجراب 19 أسماء شياطين الشعراء وأوصافهم (1/2)

أسماء شياطين الشعراء وأوصافهم (1/2)

ثمة طائفة من أعلام الجنّ قيل: إنّها أسماء لشياطين بعض الشّعراء من الإنس، بزعم العرب ورواة الأدب، مثل: مسحل بن جندل شيطان الأعشى، وجُهُنّام شيطان عمرو بن قَطَن، وهَبيد بن الصُّلادم شيطان عَبيد ابن الأبرص، ولافظ بن لاحظ شيطان امرئ القيس، ومدرك بن واغم شيطان الكميت بن زيد الأسديّ، وهادر شيطان النّابغة الذّبياني، وغيرهم.
وهم يزعمون أن هؤلاء الشّياطين يلهمون الشّعراء، وأنّ وراء الشّاعر الفحل شيطاناً بارعاً قادراً على إلهامه جيدَ الشّعر وعويص القوافي، فاخترعوا لهم هذه الأسماء مراعين فيها الغرابة تارة، كالصُّلادم، وجهُنّام، أو مراعين معناها تارة أخرى، كلافظ شيطان امرئ القيس، كأنّهم لحظوا في مسماه وظيفته في إمداد الشّاعر بألفاظ الشّعر، فراعوا ذلك في الاسم، وراعوا في ((هادر)) معناه؛ أي: أنّه يُصَوِّت بالقوافي ويردّدها، من قولهم: هدر البعير هديراً؛ أي: أنّه ردّد صوته في حنجرته في علوّ وفخامة، وكأنّهم راعوا في (مدرك) معنى الإدراك؛ أي: أنّه أدرك للشّاعر شوارد المعاني وجيّد الشّعر، حتى صار هؤلاء عندهم كالأعلام، ولهذا كانت العرب تزعم أن الشعر ((نفث الشيطان)) أو (رُقَى الشيطان). قال جرير:
رَأَيْتُ رُقَى الشِّيْطَانِ لا تَسْتَفِزُّهُ وقد كانَ شيطاني من الجنِّ راقيا
وإذا لم يعرفوا اسم شيطان الشاعر، أو أرادوا الإجمال، وصفوه، فقالوا: لفلان من الشعراء نجيّ من الجنّ أو الشياطين، بمعنى صاحب منهم يناجيه ويحادثه ويلهمه الشعر.
وذلك كلّه مبني على الخيال أو التّوهّم، إذ لم يثبت من طريق صحيح أنّ للشّعراء شياطين يحدّثونهم أو يلقّون في روعهم الشّعر، ولكنهم توهّموا ذلك وأذاعوه وصدّقوه، للرّفع من قيمة الشّاعر؛ لأنّ الجنّ عندهم تأتي بما لا يأتي بمثله الإنس، ولذا شاع عند العرب ربط ما يستجيدونه من شعر وغيره بوادي عبقر؛ لأنّه من أودية الجنّ، بزعمهم، فاشتقوا منه (العبقريّة) وهي لفظ متداول في لغة العرب وآدابهم.
وربما أوغلوا في ذلك ففرقوا بين جنّ الشّعراء من حيث القوّة والجودة، فزعم بعضهم أنّ للشّعر ـ بالجملة ـ شيطانين؛ أحدهما: (الهَوْبَر)، والآخر (الهَوْجَل) فمن انفرد به (الهَوْبر) جاد شعره، وصحّ كلامه، ومن انفرد به (الهَوْجل) فسد شعره
وهذا اختراع طريف من بعض نَقَدة الشّعر، أو رواته، لتأييد أحكامهم النّقديّة، فإذا أرادوا مدح الشّاعر قالوا: خالطه (الهَوْبر) وإذا أرادوا ذمّه قالوا: خالطه (الهَوْجل)
وفيما يلي أسماء جنّ الشعراء وبيان معانيها واشتقاق كل منها:
(جندل) والد مسحل بن جندل صاحب الأعشى، أي: شيطانه الذي يمدّه بالشّعر، أو هو قرينه، ذكر ذلك أبو زيد القرشي.
(جُهُنّام) اسم جنّي، وقيل: هو لقب الشّاعر عمرو بن قَطَن، من بني سعد بن قيس بن ثعلبة، وكان يهاجي الأعشى، وقيل: هو اسم تابعته، ويقول فيه الأعشى:
دَعَوْتُ خليلي مِسْحلاً ودَعَوا له جُهُنّام جَدْعاً للهَجِين المُذَمَّم
ومِسْحَل شيطان الأعشى.
وذكر الفيروزآبادي أنّ (جُهُنّام) تابعة الأعشى، وسايره الزّبيديّ على ذلك.
وبيت الأعشى الآنف الذّكر ينفي هذا، إذ يقول في هجاء عمرو ابن قَطَن في البيت السّالف الذّكر: استعنت بشيطاني (مِسْحَل) واستعان هو بشيطانه (جُهُنّام) أو استعانوا بشاعرهم جُهُنّام، على رأي من يقول: إنّه لقبٌ للشّاعر، وليس شيطانه.
للكلام صلة.

.أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
تويتر/ sa2626sa@
الجمعة 1434/3/13 هـ 2013/01/25 م العدد : 18174
http://www.al-madina.com/node/429012

نفاضة الجراب 18 من أسماء الجنّ وأعـلامهم


من أسماء الجنّ وأعـلامهم
تحدثت في مقالة سابقة عن الجن وحقيقة وجودهم، وأنهم من الحقائق الثابتة بالنصوص الشرعية، وفي هذه المقالة أستعرض بعض أسماء أعلامهم مما ورد ذكرها في التراث العربي الإسلامي، وأكتفي من أسمائهم بشيء من ذلك مما لم يشتهر أمره بين الناس، فمنه:

(آبْ) اسم شيطان، قال الإمام البخاري في الأدب المفرد: ((عطس ابنٌ لعبد اللّه بن عمر، فقال: آبْ. فقال ابن عمر: وما آبْ؟ إنّ آبْ اسم شيطان من الشّياطين، جعلها (أي الشيطان) بين العطسة والحمد)).

(جنّ نصيبين) وهم نفرٌ من الجنّ جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لاستماع القرآن الكريم، قيل: كانوا خمسة، ذكرهم ابن دريد، وهم: حَسَا، وبَسَا، وشاصر، وباصر، والأحقب، وقيل: هم سبعة، وقيل: تسعة. واشتهر ذكرهم مضافاً إلى مدينة نصيبين من خلال كلمة الجنس ((جنّ)) ونصيبين مدينة عامرة، من أرض العراق على جادّة القوافل من الموصل إلى الشّام.

(الحُباب) اسم شيطان على وزن (فُعال). وقد جاء في الحديث أنّ رجلاً كان اسمه (الحُباب) فسمّاه رسول الله عليه السلام عبدَ الله، وقال: ((إنّ الحُباب اسم شيطان)).

(الخَليع) و(الخولع) قال الخليل: الخليع من أسماء الغول، ويروى فيه أيضاً: الخَيْلَع، بمعناه على وزن (فَيْعَل). ويقال أيضاً: الخَوْلَع، على وزن (فَوْعَل) وذكروا أنّ الخليع اسم رجل أيضاً.

(خَنْزَب) وهو اسم شيطان، وروى مسلم في حديث عثمان بن أبي العاص أنّه أتى النّبيّ فقال: يا رسولَ الله؛ إنّ الشّيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبّسها عليّ، فقال رسول الله: ((ذاك شيطان يقال له: خَنْزَب، فإذا أحسسته فتعوّذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً)) قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

(الخَيْتَعُور) قيل: هو شيطان العقبة، وذكر المعرّيّ أنّه أحد بني الشّيصبان من الجنّ، وقيل: هي الغول.. واشتقاق الخَيْتَعُور من الرّباعيّ (ختعر)، وهو أصل يدلّ على مراوغة وتلوّن واضمحلال، وكلّ شيء لا يدوم على حاله، ويتلاشى كالسّراب فهو خيتعور. وصفة المراوغة من صفات الشّيطان، وصفة التّلوّن والاضمحلال من صفات الغول، ومن هذا قال الشّاعر:
كُلُّ أُنثَى وإنْ بَدَا لك منها آيَـةُ الحُبِّ حُبُّـها خَيْتَعُور

(سَمْحَج) ذكر ابن حجر في ((الإصابة)) أنّ سَمْحَجاً اسم جنّيّ، وذكره في خبر طويل.
(زَوْبَعَة) وهو اسم شيطان مارد، أو رئيس من رؤساء الجنّ، ومنه سُمّي الإعصار زوبعة. قال الخليل: ((الزَّوبعة اسم شيطان، ويُكَنّى الإعصار: أبا زوبعة، حين يُدوّم ثم يرتفع إلى السّماء ساطعاً، يقال: فيه شيطان مارد)).
(عَزَازيل) قيل: هو اسم إبليس حيث كان مع الملائكة، وكان من الملائكة ذوي الأجنحة الأربعة، ثم أبلَسَ بعد ذلك فسمّى (إبليس). ويبدو أنّه اسم معرب من العبرية كإسرائيل وجبرائيل، وهو مُرَكَّب من (عزاز) و(إيل)

(قُزَح) اسم شيطان، وروى بعض المحدِّثين: ((لا تقولوا: قوس قُزَح، فإن قُزَح من أسماء الشياطين)).
(مَرْقَس) ذكر الخليل أن (مَرْقَس) اسمٌ لإبليس، وأنه جاهليّ، وأن الشاعر امرأ القيس سمّي بذلك؛ لأنه كان يقول الشّعر على لسان مرقس، وقال الخليل: ((ولا ينبغي أن يقولوا: امرؤ القيس، ولكن امرؤ الله، ولكن جرى هذا على ألسنتهم))

وسأذكر في المقالة القادمة – إن شاء الله- أسماء شياطين الشعراء.


أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
تويتر/ sa2626sa@
جريدة المدينة الجمعة 1434/3/13 هـ 2013/01/25 م العدد : 18174
http://www.al-madina.com/node/427672

الجمعة، 11 يناير 2013

وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة اللغة العربية: عقبات وتوصيات 2/2

 وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة اللغة العربية: عقبات وتوصيات 2/2
ذكرت في المقال السابق أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وخصائصها وأبرز العقبات التي تواجهها في خدمة اللغة العربية، وهنا تتمة الحديثة:
التوصياتُ والاقتراحات:
سأذكرُ جملةً من التوصياتِ والاقتراحاتِ في نقاطٍ متفرقة، وبعضُها معلومٌ ضمناً مما تقدّم، ومن التوصيات المقترحة:
1- حصرُ الحسابات اللغوية الجادة، ودعمُها بوسائل الدعم المتاحةِ من قبل مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية أو وزارة التعليم العالي، أو أيِّ جهةٍ حكوميةٍ أو خاصة، ولعلَّ المركزَ يتبنّى هذا الأمرَ، وَفْقَ ما تتيحُه لوائحُه المنظمة.
2- إيجادُ رابطةٍ رسميةٍ للحسابات اللغوية والأدبية على مواقع التواصُل، بمبادرةٍ من مركز الملكِ عبدالله الدولي، ولعلَّ المركزَ يتولّى الإشرافَ عليها.
3- أقترحُ عقدَ اجتماع تعارفٍ للمشرفين على تلك المواقع، للتعاون وتبادل الآراء، ولعلَّ ذلك يكونُ تحت إشراف المركز.
4- حثُّ الجامعات والمؤسسات التعليمية لأعضائِها على الانخراط في النشاط اللغويِّ التفاعليِّ، وجعْلِه جزءاً من نشاطهم في نقاط خدمة المجتمع عند تقديمِهم أعمالَ الترقية.
5- استثمارُ التقنيةِ وعقولِ الناسِ وهم في بيوتِهم من خلالِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ ومن خلالِ (فلاتر) لغويةٍ عديدةٍ تتمثلُ في الأكاديميين المتخصصينَ في اللغة، الذين ينتقونَ ويهذبونَ ويحلّلونَ ويؤصّلونّ ويُعرّبونَ المصطلحات.
6- البحثُ مع الشركاتِ الحاضنةِ عن حلولٍ فنيةٍ للخطِّ العربي، والتعاونُ مع المواقعِ المتخصصةِ في هذا الشأن، وأقترحُ إلغاءَ احتسابِ علاماتِ الترقيمِ وضبطِ الحركاتِ من العددِ المتاحِ للتغريدة، إن كان ذلك ممكنا فنياً.
7- على مركز الملك عبدالله الدولي أن يستثمرَ مستجداتِ التقنية، ونأمل أن يتجاوزَ من سبقوه من مجامعِ اللغةِ التقليديةِ التي وقعتْ في أخطاءٍ حدّتْ من نشاطِها، وألجأتْها مؤخراً إلى أن تتقوقعَ في زوايا النسيان.
وهنا أطرحُ أسئلةً وفي جوفِها مقترحاتٌ مستترة:
فأقول:
1- هل يمكنُ أن يكونَ لمركزِ الملك عبدِالله الدولي لخدمةِ اللغةِ العربيةِ دوراً ريادياً في تجميعِ الجهودِ المتناثرةِ واحتوائِها وتوحيدِها وضبطِها وتمويلِها، ولعلَّ هذا يكونُ نواةً لشيءٍ أكبرَ وأعظم، وهو محاولةُ لـمِّ شتاتِ المجامعِ العربيةِ المتفرقة، وربطِها بهذا المركز، وتنسيقِ جهودِها، وبلادُنا أولى البلدانِ للقيامِ بهذا الدورِ القيادي؛ لأنَّ العربيةَ نبعتْ من أراضيها.
2- وهل يمكنُ تحويلُ تلك المواقعِ الفرديةِ إلى فروعٍ للمركز؟ بأن يضعَ المركزُ أهدافَها وضوابطَها وآليةَ عملِها، ويتركَ لأصحابِها إدارتَها ويكتفيَ المركزُ بالإشرافِ والتوجيهِ والدعم؟
3- وهل يمكنُ للمركزِ أن يتبنّى فكرةَ إنشاءِ عدّةِ مراكز لغويةٍ سعوديةٍ صغيرةٍ يشرفُ عليها المركز، كـ (مركز المدينةِ اللغوي) ويُعنى بالمعاجمِ واللهجاتِ و(مركز مكةَ اللغوي) ويُعنى بالنحوِ والصرف و(مركز الرياضِ اللغوي) ويُعنى بالترجمةِ والتعريب.. وهكذا..

وفي الختام أرجو أن يكون مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية نواة لمجمع لغوي سعودي كبير يقوم بشأنه اللغوي، ويسعى إلى التنسيق مع مجامع اللغة في الوطن العربي وأتمنى تحويل الحسابات اللغوية الجادة والمواقع الخادمة للغة إلى فروع مجمعية صغيرة متنوعة التخصصات، نسميها مراكز لغوية، تكون تابعة للمجمع الأم.. ويتخصص كل مركز في فن من الفنون اللغوية، لتركيز عمله والإبداع فيه..والله ولي التوفيق.

أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
الحساب على تويتر @sa2626sa
نشر بجريدة المدينة ملحق الرسالة الجمعة 1434/2/29 هـ 2013/01/11 م العدد : 18160
http://www.al-madina.com/node/426212

وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة اللغة العربية: عقبات وتوصيات 1/2

وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة اللغة العربية: عقبات وتوصيات 1/2
تقدمُ مواقع التواصل الاجتماعيِّ فرصةً سانحةً لخدمة اللغةِ العربية لما فيها من خصائص التفاعل اللحظي الحيّ وعناصر الجذب والتشويق، مع إمكانية التواقت الزمني التامّ، وإتاحة الفرصة للجميعِ.. فظهرت عدةُ محاولاتٍ فرديةٍ لخدمةِ اللغةِ العربية، من خلالِ حساباتٍ متنوعةٍ في مواقعِ التواصل الاجتماعي، وبخاصةٍ تويتر والفيس بك، يقودُها متخصّصون معروفون أو محبّون للغة.. وفي هذه المواقعِ خيرٌ كثير، وهي - في الجملة - تعملُ على تقريب الفصحى لعامّة الناس، وتيسيرِها، وخدمةِ اللهجات وتهذيبِها وتفصيحِها، والترجمة وتعريب المصطلحات، وفي بعض تلك الحسابات والمواقع عمقٌ علميٌّ واضح، فنشاهدُ حواراتٍ علميةً قويةً في حساباتٍ لغويةٍ معينة، أفاد منها كثير من المتابعين من غير المتخصصين، وأضحتْ تشكّل نواةً لمدرسةٍ لغويةٍ معاصرةٍ تُعنى بالرواية اللغوية والتأصيل والتحليل، للهجاتٍ عريقةٍ في المملكةِ العربيةِ السعودية، ومحاولة تأصيلِها وتحليلِها.


ومن أبرزِ خصائصِ تلك المواقع:
1- الانتشارُ السريع، وتقبّلُ الناس لها، لسهولتِها ويسرها، ويبدو أنها ستأتي على البقيةِ الباقيةِ من حظوظِ الكتاب.
2- أنّ تلك المواقعَ التفاعليةَ تحولتْ إلى ما يشبهُ الصالونات العلميةَ والأدبيةَ والفكريةَ الحيّةَ والدائمةَ على مدار الساعة.
3- أنّ لدى تلك الحسابات من الخصائص الفنية ما يساعدُ على ممارسة رواية اللغة بمفهومِها المصطلحيِّ القديم، ويمكِنُ لها جمعُ اللهجات والألفاظِ والدلالات بطريقةٍ عصريةٍ ميسورةٍ مصحوبةٍ بالنقاش.
4- أنها تمتلكُ عناصرَ الجذب لعموم الناس، من متخصّصينَ وغير متخصصين، ومن الجنسين.
5- أنها أسهمتْ في تهذيب اللهجات وربطِها بالفصحى، ولفتتْ أنظارَ عامّة الناس إلى ما تحتَ أيديهم من كنوزٍ تبدو ملطخةً بوحلِ العاميّات.
6- أنها أزالتِ الفكرةَ المتأصلةَ في عقولِ الناس، المتمثّلةَ في الزعم أنّ دراسةَ العربية صعبةٌ، فأرتهم بطريقةٍ تطبيقيةٍ أن الدرسَ اللغويَّ قريبُ المتناول، وليس بمعزلٍ عنهم، ممّا يسهمُ في حلّ معضلةِ القصور العامِّ في دراسة النحو ويكسرُ حاجزَه النفسي.
7- أنها فعّلتِ التواصلَ العلميَّ بين المدارس اللغوية وأسهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في تعارف المتخصصين، وتناقل المعرفة بينَهم، وقد تكونُ وسيلةً رائدةً للترابطِ الأكاديميِّ والتعاونِ المباشرِ مع المؤسسات التعليميةِ.

العوائقُ والمشكلات:
ثمةَ عقباتٌ ومشكلاتٌ إدارية ومالية وفنية وتنظيمية وأدبيات متفرقة وعوائقُ تواجهُ تلك الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أجملُها في النُّقاطِ الآتية:
1- العشوائةُ والافتقارُ إلى التنظيم وعدمُ وضوح الرسالة وضبابيةُ الرؤية لأغلب الحسابات الشخصية، فهي اجتهاداتٌ فرديةٌ ذاتيةٌ انطباعية.
2- الافتقارُ إلى العمل المؤسسيِّ الجماعيِّ المنظم، فالغالبيةُ العظمى من تلك الحساباتِ هي حساباتٌ شخصيةٌ فردية، تفتقرُ إلى التنظيم، مما يتطلبُ متابعةً مستمرةً وجهداً كبيراً، ليس في طاقة الأفراد.
3- عدمُ التفرغ لتلك الحسابات، وهي مأخوذةٌ على سبيلِ الهوايةِ وليس الاحتراف، وهذا شأنُ الأكثرية.
4- عزوفُ الأكاديميينَ المختصصين في اللغةِ عن هذه المواقعِ وانغلاقُهم في قاعاتِ الدرس.. ويعتمد نجاح المواقع اللغويةِ غالباً على التفاعل والمتابعة الدائمة، وأهلُ الاختصاصِ الذين ولجوا إلى هذا المجال لديهم من الالتزامات العلميةِ والأشغال ما يحولُ دونَ ذلك.
5- تفشي الأسماءِ المستعارة لدى المتابعين مما يحدُّ من مصداقيتِها، ويسلبُها شيئاً من الإحساس بالمسؤولة.
(للحديث صلة)

أ.د.عبدالرزاق بن فراج الصاعدي
جريدة المدينة، ملحق الرسالة، الجمعة 1434/2/22 هـ 2013/01/04 م العدد : 18153

http://www.al-madina.com/node/424778